الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: المحلى بالآثار في شرح المجلى بالاختصار **
مَنْ قَالَ: إذَا جَاءَ رَأْسُ الشَّهْرِ فَأَنْتِ طَالِقٌ، أَوْ ذَكَرَ وَقْتًا مَا فَلاَ تَكُونُ طَالِقًا بِذَلِكَ، لاَ الآنَ، وَلاَ إذَا جَاءَ رَأْسُ الشَّهْرِ. برهان ذَلِكَ: أَنَّهُ لَمْ يَأْتِ قُرْآنٌ، وَلاَ سُنَّةٌ بِوُقُوعِ الطَّلاَقِ بِذَلِكَ، وَقَدْ عَلَّمَنَا اللَّهُ الطَّلاَقَ عَلَى الْمَدْخُولِ بِهَا، وَفِي غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا، وَلَيْسَ هَذَا فِيمَا عَلَّمَنَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ. وَأَيْضًا فَإِنْ كَانَ كُلُّ طَلاَقٍ لاَ يَقَعُ حِينَ إيقَاعِهِ فَمِنْ الْمُحَالِ أَنْ يَقَعَ بَعْدَ ذَلِكَ فِي حِينِ لَمْ يُوقِعْهُ فِيهِ وَقَدْ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي هَذَا: فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: مَنْ طَلَّقَ إلَى أَجَلٍ لَمْ يَقَعْ [بِذَلِكَ] الطَّلاَقُ إِلاَّ إلَى ذَلِكَ الأَجَلِ. كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ أَبِي عُبَيْدٍ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ عَنْ الْجَرَّاحِ بْنِ الْمِنْهَالِ نَا الْحَكَمُ، هُوَ ابْنُ عُتَيْبَةَ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ كَانَ يَقُولُ: مَنْ قَالَ لأَمْرَأَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ إلَى رَأْسِ السَّنَةِ: أَنَّهُ يَطَؤُهَا مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَأْسِ السَّنَةِ. وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ مَنْ قَالَ لأَمْرَأَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ إذَا وَلَدْتِ فَلَهُ أَنْ يُصِيبَهَا مَا لَمْ تَلِدْ، وَلاَ يُطَلِّقُ حَتَّى يَأْتِيَ الأَجَلُ. وَكَذَلِكَ مَنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ إلَى سَنَةٍ وَمِنْ طَرِيقِ أَبِي عُبَيْدٍ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ هَرِمٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ أَبِي الشَّعْثَاءِ قَالَ: هِيَ طَالِقٌ إلَى الأَجَلِ الَّذِي سُمِّيَ، وَتَحِلُّ لَهُ مَا دُونَ ذَلِكَ. وَمِنْ طَرِيقِ أَبِي عُبَيْدٍ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ أَنَا مُغِيرَةُ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ فِيمَنْ وَقَّتَ فِي الطَّلاَقِ وَقْتًا، قَالَ: إذَا جَاءَ ذَلِكَ الْوَقْتُ وَقَعَ. وَرُوِّينَاهُ أَيْضًا عَنْ الشَّعْبِيِّ. وَمِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ عُبَيْدَةَ عَنْ الشَّعْبِيِّ مِثْلُ قَوْلِ إبْرَاهِيمَ وَرُوِيَ أَيْضًا: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ. وَرُوِّينَا عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ قَالَ: مَنْ قَالَ لأَمْرَأَتِهِ: إذَا حِضْت فَأَنْتِ طَالِقٌ فَإِنَّهَا إذَا دَخَلَتْ فِي الدَّمِ طَلُقَتْ عَلَيْهِ. قَالَ: فَإِنْ قَالَ لَهَا: مَتَى حِضْت حَيْضَةً فَأَنْتِ طَالِقٌ فَلاَ تَطْلُقُ حَتَّى تَغْتَسِلَ مِنْ آخِرِ حَيْضَتِهَا، لأََنَّهُ يُرَاجِعُهَا حَتَّى تَغْتَسِلَ. وَبِأَنْ: لاَ يَقَعَ الطَّلاَقُ الْمُؤَجَّلُ إِلاَّ إلَى أَجَلِهِ: يَقُولُ أَبُو عُبَيْدٍ، وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَأَبُو سُلَيْمَانَ، وَأَصْحَابُهُمْ. وَقَوْلٌ آخَرُ وَهُوَ أَنَّ الطَّلاَقَ يَقَعُ فِي ذَلِكَ سَاعَةَ يَلْفِظُ بِهِ: رُوِّينَا ذَلِكَ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ فِيمَنْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ إلَى أَجَلٍ قَالَ: يَقَعُ الطَّلاَقُ سَاعَتَئِذٍ، وَلاَ يَقْرَبُهَا. وَمِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ نَا مَنْصُورٌ، وَيُونُسُ عَنْ الْحَسَنِ: أَنَّهُ كَانَ لاَ يُؤَجِّلُ فِي الطَّلاَقِ. وَرُوِّينَا عَنْ الزُّهْرِيِّ مَنْ طَلَّقَ إلَى سَنَةٍ فَهِيَ طَالِقٌ حِينَئِذٍ. وَمِنْ طَرِيقِ أَبِي عُبَيْدٍ عَنْ هُشَيْمٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيِّ أَنَّهُ كَانَ لاَ يُؤَجِّلُ فِي الطَّلاَقِ أَجَلاً. وَرُوِيَ عَنْ رَبِيعَةَ وَهُوَ قَوْلُ اللَّيْثِ، وَأَحَدُ قَوْلَيْ أَبِي حَنِيفَةَ وَهُوَ قَوْلُ زُفَرَ. وَقَوْلٌ ثَالِثٌ كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ الْحَسَنِ، أَنَّهُ قَالَ: إذَا قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ إذَا كَانَ كَذَا لأََمْرٍ لاَ يَدْرِي أَيَكُونُ أَمْ لاَ فَلَيْسَ بِطَلاَقٍ حَتَّى يَكُونَ ذَلِكَ وَيَطَؤُهَا، فَإِنْ مَاتَا قَبْلَ ذَلِكَ تَوَارَثَا. فَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ إلَى سَنَةٍ فَهِيَ طَالِقٌ حِينَ يَقُولُ ذَلِكَ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ. وَقَوْلٌ رَابِعٌ رُوِيَ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى فِيمَنْ قَالَ لأَمْرَأَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ إلَى رَأْسِ الْهِلاَلِ قَالَ: أَتَخَوَّفُ أَنْ يَكُونَ قَدْ طَلَّقَهَا فَوَجَدْنَا مِنْ حُجَّةِ مَنْ قَالَ: بِأَنَّهُ وَقَعَ عَلَيْهِ الطَّلاَقُ الآنَ: أَنْ قَالُوا: هَذَا الطَّلاَقُ إلَى أَجَلٍ، فَهُوَ بَاطِلٌ كَالنِّكَاحِ إلَى أَجَلٍ . فَقُلْنَا لَهُمْ: فَلِمَ قُلْتُمْ: إنَّهُ إنْ قَالَ: إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ أَنَّهَا لاَ تَطْلُقُ إِلاَّ بِدُخُولِ الدَّارِ، فَإِنَّهُ طَلاَقٌ إلَى أَجَلٍ، فَأَوْقَعْتُمُوهُ حِينَ لَفَظَ بِهِ. وَبِهَذَا نُعَارِضُهُمْ فِي قَوْلِهِمْ: إنَّ ظَاهِرَ أَمْرِهِ أَنَّهُ نَدِمَ إذْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ، فَأَتْبَعَ ذَلِكَ بِالأَجَلِ فَيَلْزَمُهُمْ ذَلِكَ فِيمَنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ إنْ دَخَلْت الدَّارَ. وَهُوَ قَوْلٌ صَحَّ عَنْ شُرَيْحٍ أَلْزَمَهُ الطَّلاَقَ دَخَلَتْ الدَّارَ أَوْ لَمْ تَدْخُلْهُ. وَقَالُوا: إذَا قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ، فَالطَّلاَقُ مُبَاحٌ، فَإِنْ أَتْبَعَهُ أَجَلاً فَهُوَ شَرْطٌ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى فَهُوَ بَاطِلٌ . فَقُلْنَا: بَلْ مَا طَلاَقُهُ إِلاَّ فَاسِدٌ لاَ مُبَاحٌ إذْ عَلَّقَهُ بِوَقْتٍ، وَلاَ يَجُوزُ إلْزَامُهُ بَعْضَ مَا الْتَزَمَ دُونَ سَائِرِهِ فَظَهَرَ فَسَادُ هَذَا الْقَوْلِ، وَيَكْفِي مِنْ هَذَا أَنَّهُ تَحْرِيمُ فَرْجٍ بِالظَّنِّ عَلَى مَنْ أَبَاحَهُ اللَّهُ تَعَالَى لَهُ بِالْيَقِينِ وَنَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ هَذَا. وَلَمْ نَجِدْ لِمَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الأَجَلِ الآتِي وَالآبِدِ، وَبَيْنَ الأَجَلِ الَّذِي لاَ يَأْتِي حُجَّةً أَصْلاً، غَيْرَ دَعْوَاهُ لاَ سِيَّمَا وَهُمْ يُفْسِدُونَ النِّكَاحَ إذَا أَجَّلَ الصَّدَاقَ إلَى أَجَلٍ قَدْ يَكُونُ وَقَدْ لاَ يَكُونُ، بِعَكْسِ قَوْلِهِمْ فِي الطَّلاَقِ وَكِلاَ الأَمْرَيْنِ أَجَلٌ، وَلاَ فَرْقَ. وَأَيْضًا فَقَدْ يَأْتِي الأَجَلُ الَّذِي قَالُوا فِيهِ: إنَّهُ يَجِيءُ وَهُوَ مَيِّتٌ أَوْ وَهِيَ مَيِّتَةٌ، أَوْ كِلاَهُمَا، أَوْ قَدْ طَلَّقَهَا ثَلاَثًا: فَظَهَرَ فَسَادُ هَذَا الْقَوْلِ جُمْلَةً وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. وَهُمْ يُشَنِّعُونَ خِلاَفَ الصَّاحِبِ الَّذِي لاَ يُعْرَفُ لَهُ مُخَالِفٌ وَقَدْ خَالَفُوا هَاهُنَا ابْنَ عَبَّاسٍ، وَأَيْضًا فَإِنَّهُمْ يُوقِعُونَ عَلَيْهِ طَلاَقًا لَمْ يَلْتَزِمْهُ قَطُّ وَهَذَا بَاطِلٌ. ثُمَّ لَوْ عُكِسَ عَلَيْهِمْ قَوْلُهُمْ، فَقِيلَ: بَلْ تَطْلُقُ عَلَيْهِ إذَا أَجَّلَ أَجَلاً قَدْ يَكُونُ وَقَدْ لاَ يَكُونُ سَاعَةَ لَفْظِهِ بِالطَّلاَقِ، وَلاَ تَطْلُقُ عَلَيْهِ إذَا أَجَّلَ أَجَلاً يَأْتِي، وَلاَ بُدَّ، لَمَا كَانَ بَيْنَهُمْ فَرْقٌ أَصْلاً وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. ثُمَّ نَظَرْنَا فِيمَا يَحْتَجُّ بِهِ مَنْ أَجَازَ ذَلِكَ وَجَعَلَ الطَّلاَقَ يَقَعُ إذَا جَاءَ الأَجَلُ لاَ قَبْلَ ذَلِكَ بِأَنْ قَالَ: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: فَقُلْنَا: إنَّمَا هَذَا فِي كُلِّ عَقْدٍ أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِالْوَفَاءِ بِهِ، أَوْ نَدَبَ إلَيْهِ لاَ فِي كُلِّ عَقْدٍ جُمْلَةً، وَلاَ فِي مَعْصِيَةٍ، وَمِنْ الْمَعَاصِي أَنْ يُطَلِّقَ بِخِلاَفِ مَا أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ، فَلاَ يَحِلُّ الْوَفَاءُ بِهِ. وَقَالُوا: " الْمُسْلِمُونَ عِنْدَ شُرُوطِهِمْ ". وَهَذَا كَاَلَّذِي قَبْلَهُ، لأََنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: كُلُّ شَرْطٍ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى فَهُوَ بَاطِلٌ. وَالطَّلاَقُ إلَى أَجَلٍ مُشْتَرَطٍ بِشَرْطٍ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى فَهُوَ بَاطِلٌ. وَقَالُوا: نَقِيسُ ذَلِكَ عَلَى الْمُدَايِنَةِ إلَى أَجَلٍ، وَالْعِتْقِ إلَى أَجَلٍ . فَقُلْنَا: الْقِيَاسُ بَاطِلٌ، ثُمَّ لَوْ كَانَ حَقًّا لَكَانَ هَذَا مِنْهُ بَاطِلاً، لأََنَّ الْمُدَايِنَةَ وَالْعِتْقَ قَدْ جَاءَ فِي جَوَازِهِمَا إلَى أَجَلٍ النَّصُّ، وَلَمْ يَأْتِ ذَلِكَ فِي الطَّلاَقِ. ثُمَّ لَوْ كَانَ الْقِيَاسُ حَقًّا لَكَانَ هَذَا مِنْهُ بَاطِلاً، لأََنَّكُمْ مُجْمِعُونَ عَلَى أَنَّ النِّكَاحَ إلَى أَجَلٍ لاَ يَجُوزُ، وَأَنَّ ذَلِكَ النِّكَاحَ بَاطِلٌ، فَهَلاَّ قِسْتُمْ الطَّلاَقَ إلَى أَجَلٍ عَلَى ذَلِكَ. وَقَالُوا: قَدْ أَجْمَعُوا عَلَى وُقُوعِ الطَّلاَقِ عِنْدَ الأَجَلِ، لأََنَّ مَنْ أَوْقَعَهُ حِينَ نَطَقَ بِهِ فَقَدْ أَجَازَهُ، فَالْوَاجِبُ الْمَصِيرُ إلَى مَا اتَّفَقُوا عَلَيْهِ . فَقُلْنَا: هَذَا بَاطِلٌ، وَمَا أَجْمَعُوا قَطُّ عَلَى ذَلِكَ، لأََنَّ مَنْ أَوْقَعَ الطَّلاَقَ حِينَ لَفَظَ بِهِ الْمُطَلِّقُ لَمْ يَجُزْ قَطُّ أَنْ يُؤَخِّرَ إيقَاعَهُ إلَى أَجَلٍ وَاَلَّذِينَ أَوْقَعُوهُ عِنْدَ الأَجَلِ لَمْ يُجِيزُوا إيقَاعَهُ حِينَ نَطَقَ بِهِ. وَقَالُوا: هَذَا قَوْلُ صَاحِبٍ لاَ يُعْرَفُ لَهُ مِنْ الصَّحَابَةِ مُخَالِفٌ . فَقُلْنَا: هَذَا مِنْ رِوَايَةِ أَبِي الْعَطُوفِ الْجَرَّاحِ بْنِ الْمِنْهَالِ الْجَزَرِيِّ وَهُوَ كَذَّابٌ مَشْهُورٌ بِوَضْعِ الْحَدِيثِ فَبَطَلَ هَذَا الْقَوْلُ أَيْضًا. وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ. وَمَنْ جَعَلَ إلَى امْرَأَتِهِ أَنْ تُطَلِّقَ نَفْسَهَا: لَمْ يَلْزَمْهُ ذَلِكَ، وَلاَ تَكُونُ طَالِقًا طَلَّقَتْ نَفْسَهَا أَوْ لَمْ تُطَلِّقْ لِمَا ذَكَرْنَا قَبْلُ مِنْ أَنَّ الطَّلاَقَ إنَّمَا جَعَلَهُ اللَّهُ تَعَالَى لِلرِّجَالِ لاَ لِلنِّسَاءِ. وَلاَ يَكُونُ طَلاَقًا بَائِنًا أَبَدًا إِلاَّ فِي مَوْضِعَيْنِ لاَ ثَالِثَ لَهُمَا. أَحَدُهُمَا طَلاَقُ غَيْرِ الْمَوْطُوءَةِ، لقوله تعالى: وَالثَّانِي طَلاَقُ الثَّلاَثِ مَجْمُوعَةً أَوْ مُفَرَّقَةً، لقوله تعالى: وَأَمَّا مَا عَدَا هَذَيْنِ فَلاَ أَصْلاً، لقوله تعالى: وَقَالَ تَعَالَى: وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: هِيَ ثَلاَثَةٌ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْمَاجِشُونِ صَاحِبِ مَالِكٍ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: هِيَ كَمَا قَالَ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ صَاحِبِ مَالِكٍ. وَاَلَّذِي نَقُولُ بِهِ: إنَّهُ كَلاَمٌ فَاسِدٌ لاَ يَقَعُ بِهِ طَلاَقٌ أَصْلاً، لأََنَّهُ لَمْ يُطَلِّقْ كَمَا أَمَرَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، وَلاَ طَلاَقَ إِلاَّ كَمَا أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ عَمِلَ عَمَلاً لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ. وَالطَّلاَقُ الرَّجْعِيُّ هُوَ الَّذِي يَكُونُ فِيهِ الزَّوْجُ مُخَيَّرًا مَا دَامَتْ فِي الْعِدَّةِ بَيْنَ تَرْكِهَا لاَ يُرَاجِعُهَا حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا، فَتَمْلِكُ أَمْرَهَا فَلاَ يُرَاجِعُهَا إِلاَّ بِوَلِيٍّ وَرِضَاهَا، وَصَدَاقٍ، وَبَيْنَ أَنْ يُشْهِدَ عَلَى ارْتِجَاعِهَا فَقَطْ فَتَكُونُ زَوْجَتُهُ أَحَبَّتْ أَمْ كَرِهَتْ بِلاَ وَلِيٍّ، وَلاَ صَدَاقٍ، لَكِنْ بِإِشْهَادٍ فَقَطْ. وَلَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ تَمَامِ الْعِدَّةِ وَقَبْلَ الْمُرَاجَعَةِ وَرِثَهُ الْبَاقِي مِنْهُمَا وَهَذَا لاَ خِلاَفَ فِيهِ مِنْ أَحَدٍ مِنْ الأَئِمَّةِ. وَالْبَائِنُ هُوَ الَّذِي لاَ رَجْعَةَ لَهُ عَلَيْهَا إِلاَّ أَنْ تَشَاءَ هِيَ فِي غَيْرِ الثَّلاَثِ بِوَلِيٍّ، وَصَدَاقٍ، وَرِضَاهَا، وَنَفَقَتُهَا عَلَيْهِ فِي الطَّلاَقِ الرَّجْعِيِّ مَا دَامَتْ فِي الْعِدَّةِ، وَيَلْحَقُهَا طَلاَقُهُ.
وَمَنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ، أَوْ قَالَ: إِلاَّ أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ، أَوْ قَالَ: إِلاَّ أَنْ لاَ يَشَاءَ اللَّهُ: فَكُلُّ ذَلِكَ سَوَاءٌ، وَلاَ يَقَعُ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ طَلاَقٌ. برهان ذَلِكَ: قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: وَقَالَ تَعَالَى: كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ أَبِي عُبَيْدٍ، حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ عَنْ وَرْقَاءَ بْنِ عُمَرَ، عَنِ ابْنِ طَاوُوس عَنْ أَبِيهِ فِيمَنْ قَالَ لأَمْرَأَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ قَالَ: لَهُ ثُنْيَاهُ وَمِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ عَنْ الأَعْمَشِ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ فِيمَنْ قَالَ لأَمْرَأَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ قَالَ: لاَ يَحْنَثُ. وَمِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ اللَّيْثِ قَالَ: اجْتَمَعَ عَطَاءٌ، وَمُجَاهِدٌ وطَاوُوس، وَالزُّهْرِيُّ: عَلَى أَنَّ الأَسْتِثْنَاءَ فِي كُلِّ شَيْءٍ جَائِزٌ. وَمِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ عَنْ حَكِيمٍ أَبِي دَاوُد عَنْ الشَّعْبِيِّ فِيمَنْ قَالَ: أَنْتَ حُرٌّ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى قَالَ: لاَ يَحْنَثُ. وَمِنْ طَرِيقِ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ فِيمَنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ لَهُ ثُنْيَاهُ. وَعَنْ أَبِي مِجْلَزٍ مِثْلُ ذَلِكَ وَهُوَ قَوْلُ عَطَاءٍ، وَحَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ، وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ. وَمِنْ طَرِيقِ عَبْد الرَّزَّاقِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ عَنْ حَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ عَنْ إبْرَاهِيمَ قَالَ: إذَا قَالَ: إنْ لَمْ أَفْعَلْ كَذَا فَامْرَأَتِي طَالِقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ فَحَنِثَ لَمْ تَطْلُقْ امْرَأَتُهُ. وَبِهِ كَانَ يَأْخُذُ أَبُو حَنِيفَةَ، وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ: وَالنَّاسُ عَلَيْهِ. وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ مَنْ قَالَ: امْرَأَتِي طَالِقٌ إنْ كَلَّمْت فُلاَنًا شَهْرًا إِلاَّ أَنْ يَبْدُوَ لِي أَنَّهُ إنْ وَصَلَ الْكَلاَمُ فَلَهُ اسْتِثْنَاؤُهُ، فَإِنْ قَطَعَهُ وَسَكَتَ ثُمَّ اسْتَثْنَى فَلاَ اسْتِثْنَاءَ لَهُ. وَقَالَ الأَوْزَاعِيُّ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ: إنْ قَالَ: إنْ فَعَلْت كَذَا فَأَنْتِ طَالِقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ فَالأَسْتِثْنَاءُ جَائِزٌ ;، وَلاَ يَقَعُ الطَّلاَقُ، وَكَذَلِكَ الْعَتَاقُ. وَبِهِ يَقُولُ الشَّافِعِيُّ؛ وَأَصْحَابُهُ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَعُثْمَانُ الْبَتِّيُّ، وَإِسْحَاقُ، وَأَبُو سُلَيْمَانَ وَأَصْحَابُنَا. وَقَالَ آخَرُونَ: لاَ يَسْقُطُ الطَّلاَقُ بِالأَسْتِثْنَاءِ: كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ أَبِي عُبَيْدٍ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ حَدَّثَنِي الْفَضْلُ بْنُ الْمُخْتَارِ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ ` قَالَ: سَمِعْت ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ: إذَا قَالَ لأَمْرَأَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ، فَهِيَ طَالِقٌ. وَقَدْ صَحَّ هَذَا عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَالْحَسَنِ، وَالشَّعْبِيِّ، وَالزُّهْرِيِّ، وَقَتَادَةَ، وَمَكْحُولٍ وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْ الأَوْزَاعِيِّ، وَمَالِكٍ، وَاللَّيْثِ، وَأَحَدُ قَوْلَيْ ابْنِ أَبِي لَيْلَى. وَرُوِيَ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى: إنْ طَلَّقَ وَاسْتَثْنَى فَالطَّلاَقُ وَاقِعٌ، وَإِنْ أَخْرَجَهُ مَخْرَجَ الْيَمِينِ فَلَهُ اسْتِثْنَاؤُهُ. وقال مالك: فَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شَاءَ زَيْدٌ أَوْ قَالَ: إِلاَّ أَنْ لاَ يَشَاءَ زَيْدٌ أَوْ إِلاَّ أَنْ يَشَاءَ زَيْدٌ: فَإِنَّهَا لاَ تَطْلُقُ إِلاَّ أَنْ يَشَاءَ زَيْدٌ وَاحْتَجُّوا فِي ذَلِكَ بِأَنَّ مَشِيئَةَ زَيْدٍ تُعْرَفُ، وَمَشِيئَةَ اللَّهِ تَعَالَى لاَ تُعْرَفُ. قال أبو محمد: وَهَذَا بَاطِلٌ، بَلْ مَشِيئَةُ زَيْدٍ لاَ يَعْرِفُهَا أَبَدًا أَحَدٌ غَيْرُهُ، وَغَيْرُ اللَّهِ تَعَالَى، لأََنَّهُ قَدْ يَكْذِبُ، وَأَمَّا مَشِيئَةُ اللَّهِ تَعَالَى فَمَعْرُوفَةٌ بِلاَ شَكٍّ، لأََنَّ كُلَّ مَا نَفَذَ فَقَدْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى كَوْنَهُ، وَمَا لَمْ يَنْفُذْ فَلاَ نَشُكُّ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يَشَأْ كَوْنَهُ وَهَذَا مِمَّا خَالَفَ فِيهِ الْحَنَفِيُّونَ تَشْنِيعَهُمْ بِمُخَالَفَةِ صَاحِبٍ لاَ يُعْرَفُ لَهُ مِنْ الصَّحَابَةِ مُخَالِفٌ.
وَمَنْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثُمَّ كَرَّرَ طَلاَقَهَا لِكُلِّ مَنْ لَقِيَهُ مُشْهِدًا أَوْ مُخْبِرًا: فَهُوَ طَلاَقٌ وَاحِدٌ، لاَ يَلْزَمُهُ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ وَهَذَا مَا لاَ خِلاَفَ فِيهِ، لأََنَّهُ لَمْ يَنْوِ بِذَلِكَ طَلاَقًا آخَرَ.
وَمَنْ أَيْقَنَتْ امْرَأَتُهُ أَنَّهُ طَلَّقَهَا ثَلاَثًا، أَوْ آخِرَ ثَلاَثٍ أَوْ دُونَ ثَلاَثٍ، وَلَمْ يُشْهِدْ عَلَى مُرَاجَعَتِهِ إيَّاهَا حَتَّى تَمَّتْ عِدَّتُهَا ثُمَّ أَمْسَكَهَا مُعْتَدِيًا: فَفَرْضٌ عَلَيْهَا أَنْ تَهْرُبَ عَنْهُ إنْ لَمْ تَكُنْ لَهَا بَيِّنَةٌ فَإِنْ أَكْرَهَهَا فَلَهَا قَتْلُهُ دِفَاعًا عَنْ نَفْسِهَا، وَإِلَّا فَهُوَ زِنًى مِنْهَا إنْ أَمْكَنَتْهُ مِنْ نَفْسِهَا وَهُوَ أَجْنَبِيٌّ كَعَابِرِ السَّبِيلِ فَحُكْمُهُ فِي كُلِّ شَيْءٍ حُكْمُ الأَجْنَبِيِّ.
وَطَلاَقُ الْمَرِيضِ كَطَلاَقِ الصَّحِيحِ، وَلاَ فَرْقَ مَاتَ مِنْ ذَلِكَ الْمَرَضِ أَوْ لَمْ يَمُتْ مِنْهُ فَإِنْ كَانَ طَلاَقُ الْمَرِيضِ ثَلاَثًا، أَوْ آخِرَ ثَلاَثٍ، أَوْ قَبْلَ أَنْ يَطَأَهَا فَمَاتَ، أَوْ مَاتَتْ قَبْلَ تَمَامِ الْعِدَّةِ أَوْ بَعْدَهَا أَوْ كَانَ طَلاَقًا رَجْعِيًّا فَلَمْ يَرْتَجِعْهَا حَتَّى مَاتَ أَوْ مَاتَتْ بَعْدَ تَمَامِ الْعِدَّةِ، فَلاَ تَرِثُهُ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ، وَلاَ يَرِثُهَا أَصْلاً. وَكَذَلِكَ طَلاَقُ الصَّحِيحِ لِلْمَرِيضَةِ، وَطَلاَقُ الْمَرِيضِ لِلْمَرِيضَةِ، وَلاَ فَرْقَ وَكَذَلِكَ طَلاَقُ الْمَوْقُوفِ لِلْقَتْلِ وَالْحَامِلِ الْمُثْقَلَةِ: وَهَذَا مَكَانٌ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِيهِ: فَقَوْلٌ أَوَّلٌ فِيهِ: أَنَّهُ لَيْسَ طَلاَقًا، كَمَا. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ نَبَاتٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ مُفَرِّجٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الْوَرْدِ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ بْنِ بَادِي الْعَلَّافُ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ نَافِعٍ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ قَالَ: إنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ طَلَّقَ امْرَأَةً لَهُ كَلْبِيَّةً فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ، فَكَلَّمَهُ عُثْمَانُ لِيُرَاجِعَهَا فَتَلَكَّأَ عَلَيْهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ فَقَالَ عُثْمَانُ: قَدْ أَعْرِفُ إنَّمَا طَلَّقَهَا كَرَاهِيَةَ أَنْ تَرِثَ مَعَ أُمِّ كُلْثُومٍ، وَإِنِّي وَاَللَّهِ لاََقْسِمَنَّ لَهَا مِيرَاثَهَا، وَإِنْ كَانَتْ أُمُّ كُلْثُومٍ أُخْتِي قَالَ نَافِعٌ: وَكَانَ آخِرُ طَلاَقِهَا تَطْلِيقَةً فِي مَرَضِهِ. فَهَذَا عُثْمَانُ يَأْمُرُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بِمُرَاجَعَتِهَا بَعْدَ أَنْ طَلَّقَهَا آخِرَ طَلاَقِهَا فِي مَرَضِهِ فَصَحَّ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَرَاهُ طَلاَقًا. فَكُلُّ مَا رُوِيَ عَنْ عُثْمَانَ بَعْدَ هَذَا فَهُوَ مَرْدُودٌ إلَى هَذَا. وَجَاءَ عَنْ عُثْمَانَ أَيْضًا أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ مُكَمِّلٍ طَلَّقَ بَعْضَ نِسَائِهِ بَعْدَ أَنْ أَصَابَهُ فَالِجٌ، ثُمَّ مَاتَ بَعْدَ سَنَتَيْنِ فَوَرَّثَهَا مِنْهُ عُثْمَانُ. وَصَحَّ عَنْهُ أَنَّهُ وَرَّثَ امْرَأَةَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ الْكَلْبِيَّةَ، وَقَدْ طَلَّقَهَا وَهُوَ مَرِيضٌ آخِرَ ثَلاَثِ تَطْلِيقَاتٍ، ثُمَّ مَاتَ بَعْدَ أَنْ أَتَمَّتْ عِدَّتَهَا، فَقِيلَ لِعُثْمَانَ: لِمَ تُوَرِّثْهَا مِنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَقَدْ عَلِمْت أَنَّهُ لَمْ يُطَلِّقْهَا ضِرَارًا، وَلاَ فِرَارًا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَقَالَ عُثْمَانُ: أَرَدْت أَنْ تَكُونَ سُنَّةً يَهَابُ النَّاسُ الْفِرَارَ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ. وَقَوْلٌ آخَرُ تَرِثُهُ وَيَرِثُهَا: كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَمَّنْ سَمِعَ الْحَسَنَ يَقُولُ: يَتَوَرَّثَانِ إنْ مَاتَ مِنْ مَرَضِهِ ذَلِكَ. وَقَوْلٌ ثَالِثٌ: تَرِثُهُ وَإِنْ صَحَّ ثُمَّ مَاتَ مِنْ مَرَضٍ آخَرَ: رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ أَبِي عُبَيْدٍ نَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ عَنْ الزُّهْرِيِّ: أَنَّهُ سُئِلَ عَمَّنْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهُوَ مَرِيضٌ فَبَتَّهَا فَصَحَّ أَيَّامًا وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ ثُمَّ مَرِضَ ثُمَّ مَاتَ مِنْ وَجَعٍ آخَرَ، أَوْ عَادَ لَهُ وَجَعُهُ قَالَ الزُّهْرِيُّ: نَرَى حِينَ طَلَّقَهَا وَهُوَ مَرِيضٌ أَنَّهَا فِي قَضَاءِ عُثْمَانَ تَرِثُهُ. وَبِهَذَا يَقُولُ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَالأَوْزَاعِيُّ، وَزُفَرُ بْنُ الْهُذَيْلِ، وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ، كُلُّهُمْ يَقُولُ: إذَا طَلَّقَهَا وَهُوَ مَرِيضٌ، ثُمَّ صَحَّ، ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا، فَإِنَّهَا تَرِثُهُ. وَقَالَ الأَوْزَاعِيُّ: إنْ مَلَّكَهَا نَفْسَهَا وَهُوَ مَرِيضٌ فَطَلَّقَتْ نَفْسَهَا لَمْ تَرِثْهُ، وَإِنْ طَلَّقَهَا وَهُوَ مَرِيضٌ بِإِذْنِهَا وَرِثَتْهُ. وَقَوْلٌ رَابِعٌ رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا إسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ أَنَّهُ سَأَلَ أَبَاهُ عُرْوَةَ عَمَّنْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ أَلْبَتَّةَ، وَهُوَ مَرِيضٌ فَقَالَ عُرْوَةُ: لاَ يَتَوَارَثَانِ إِلاَّ أَنْ يَكُونَ بِهَا حَبَلٌ، أَوْ يُطَلِّقُ مُضَارَةً فَيَمُوتُ وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ مِنْهُ. وَقَوْلٌ خَامِسٌ إنْ طَلَّقَ ثَلاَثًا وَهُوَ مَرِيضٌ وَلَمْ يَصِحَّ حَتَّى مَاتَ، فَإِنَّهَا تَرِثُهُ مَا لَمْ تَنْقَضِ عِدَّتُهَا مِنْهُ، فَإِنْ مَاتَ بَعْدَ أَنْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا لَمْ تَرِثْهُ. كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ فِي الْمُطَلَّقَةِ ثَلاَثًا وَهُوَ مَرِيضٌ: تَرِثُهُ مَا دَامَتْ فِي الْعِدَّةِ. قال أبو محمد: لَمْ يَسْمَعْ ابْنُ أَبِي عَرُوبَةَ مِنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ شَيْئًا. وَمِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إسْمَاعِيلَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ حُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهُوَ مَرِيضٌ فَوَرِثَتْهُ. وَمِنْ طَرِيقِ شُعْبَةَ عَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ مِقْسَمٍ عَنْ عُبَيْدَةَ بْنِ مُغِيثٍ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، أَنَّهُ قَالَ: الرَّجُلُ إذَا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلاَثًا وَرِثَتْهُ مَا كَانَتْ فِي الْعِدَّةِ . وَبِهِ يَقُولُ إبْرَاهِيمُ. وَمِنْ طَرِيقِ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ عَنْ الْمُغِيرَةِ عَنْ إبْرَاهِيمَ عَنْ شُرَيْحٍ قَالَ: أَتَانِي عُرْوَةُ الْبَارِقِيُّ مِنْ عِنْدِ عُمَرَ فِي الرَّجُلِ يُطَلِّقُ امْرَأَتَهُ ثَلاَثًا فِي مَرَضِهِ: أَنَّهَا تَرِثُهُ مَا دَامَتْ فِي الْعِدَّةِ، وَلاَ يَرِثُهَا . وَبِهِ يَقُولُ إبْرَاهِيمُ. وَمِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، حَدَّثَنَا مُغِيرَةُ عَنْ إبْرَاهِيمَ فِيمَنْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهُوَ مَرِيضٌ ثَلاَثًا قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا قَالَ: لَهَا نِصْفُ الصَّدَاقِ، وَلاَ مِيرَاثَ لَهَا، وَلاَ عِدَّةَ عَلَيْهَا قَالَ هُشَيْمٌ: وَبِهَذَا نَقُولُ. وَمِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ الْمُغِيرَةِ عَنْ إبْرَاهِيمَ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: إذَا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلاَثًا، وَهُوَ مَرِيضٌ وَرِثَتْ فِي الْعِدَّةِ. قال أبو محمد: هَكَذَا فِي كِتَابِي عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ عُمَرَ، وَلاَ أَرَاهُ إِلاَّ وَهْمًا، وَأَنَّهُ إنَّمَا هُوَ عُمَرُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ كَذَلِكَ رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ سُفْيَانَ، وَشُعْبَةَ. وَمِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ عَنْ دَاوُد، وَالأَشْعَثِ عَنْ الشَّعْبِيِّ، وَشُرَيْحٍ، قَالاَ: إذَا طَلَّقَ ثَلاَثًا فِي مَرَضِهِ وَرِثَتْهُ مَا دَامَتْ فِي الْعِدَّةِ. وقال أبو حنيفة، وَأَصْحَابُهُ: فَإِنْ خَيَّرَهَا أَوْ مَلَّكَهَا، أَوْ خَالَعَهَا وَهُوَ مَرِيضٌ أَوْ حَلَفَ بِطَلاَقِهَا ثَلاَثًا وَهُوَ صَحِيحٌ فَحَنَّثَتْهُ وَهُوَ مَرِيضٌ فَمَاتَ لَمْ تَرِثْهُ. فَلَوْ بَارَزَ رَجُلاً فِي الْقِتَالِ أَوْ قُدِّمَ لِيُقْتَلَ فَطَلَّقَهَا ثَلاَثًا وَرِثَتْهُ. فَلَوْ طَلَّقَهَا وَهُوَ مَرِيضٌ وَلَمْ يَكُنْ دَخَلَ بِهَا لَمْ تَرِثْهُ. فَلَوْ أَكْرَهَهَا أَبُوهُ فَوَطِئَهَا فِي مَرَضِهِ ابْنُهُ فَمَاتَ لَمْ تَرِثْهُ. وَمِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلاَثًا فِي مَرَضِهِ فَقَالَ عُثْمَانُ: لَئِنْ مِتّ لاَُوَرِّثَنَّهَا مِنْك قَالَ: قَدْ عَلِمْت ذَلِكَ، فَمَاتَ فِي عِدَّتِهَا، فَوَرَّثَهَا عُثْمَانُ فِي عِدَّتِهَا. وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ أَنَّهُ سَأَلَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ فَقَالَ لَهُ ابْنُ الزُّبَيْرِ: طَلَّقَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ بِنْتَ الأَصْبَغِ الْكَلْبِيَّةَ فَبَتَّهَا، ثُمَّ مَاتَ، فَوَرَّثَهَا عُثْمَانُ فِي عِدَّتِهَا ثُمَّ ذَكَرَ ابْنُ الزُّبَيْرِ قَوْلَهُ نَفْسَهُ. حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبَّادٍ الأَنْصَارِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ يَزِيدَ اللَّخْمِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ مُفَرِّجٍ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ الأَسَدِيُّ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ ثَوْبَانَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ الْفِرْيَابِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ قَالَ: مَنْ طَلَّقَ وَهُوَ مَرِيضٌ طَلاَقًا بَائِنًا فَإِنَّهَا تَرِثُهُ مَا دَامَتْ فِي الْعِدَّةِ. وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ وَابْنِ جُرَيْجٍ كِلاَهُمَا عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: إذَا طَلَّقَهَا مَرِيضًا فَبَتَّهَا فَانْقَضَتْ الْعِدَّةُ فَلاَ مِيرَاثَ بَيْنَهُمَا. وَصَحَّ عَنْ شُرَيْحٍ فِيمَنْ طَلَّقَ مَرِيضًا فَمَاتَ فَإِنَّهَا تَرِثُهُ مَا كَانَتْ فِي الْعِدَّةِ، فَبَلَغَ ذَلِكَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ فَلَمْ يُنْكِرْهُ. وَهُوَ قَوْلُ الشَّعْبِيِّ، وَالْحَارِثِ الْعُكْلِيِّ، وَحَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ. وَرُوِيَ عَنْ رَبِيعَةَ، وطَاوُوس، وَاللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ، وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَالأَوْزَاعِيِّ، وَابْنِ شُبْرُمَةَ، وَأَبِي حَنِيفَةَ، وَأَصْحَابِهِ. وَقَوْلٌ سَادِسٌ مَنْ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّ الْمُطَلَّقَةَ فِي الْمَرَضِ تَرِثُ هَكَذَا جُمْلَةً لَمْ يُبَيِّنْ فِي الْعِدَّةِ فَقَطْ أَمْ بَعْدَهَا فَكَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ ابْنِ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي رِجَالٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ قَالَ: الْمُطَلَّقَةُ فِي الْمَرَضِ تَرِثُ. وَمِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الأَسْوَدِ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ: لَوْ مَرِضَ سَنَةً لَوَرَّثْتهَا مِنْهُ. وَالأَصَحُّ عَنْ عَطَاءٍ أَنَّهَا تَرِثُهُ فِي الْعِدَّةِ، وَلاَ تَرِثُهُ بَعْدَهَا. وَمِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ عَنْ أَشْعَثَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ قَالَ: كَانُوا يَقُولُونَ: لاَ يَخْتَلِفُونَ فِيمَنْ فَرَّ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ رُدَّ إلَيْهِ يَعْنِي: فِيمَنْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهُوَ مَرِيضٌ. وَقَوْلٌ سَابِعٌ مَنْ قَالَ: تَرِثُهُ بَعْدَ الْعِدَّةِ مَا لَمْ تَتَزَوَّجْ فَكَمَا، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ نَبَاتٍ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْبَصِيرِ، حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلاَمِ الْخُشَنِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ عَنْ شَيْخٍ مِنْ قُرَيْشٍ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ فِيمَنْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلاَثًا فِي مَرَضِهِ قَالَ: لاَ أَزَالُ أُوَرِّثُهَا مِنْهُ حَتَّى يَبْرَأَ، أَوْ تَتَزَوَّجَ، أَوْ تَمْكُثَ سَنَةً أَوْ قَالَ: وَلَوْ مَكَثَتْ سَنَةً. وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قُلْت لِعَطَاءٍ: الرَّجُلُ يُطَلِّقُ امْرَأَتَهُ مَرِيضًا ثُمَّ يَمُوتُ مِنْ وَجَعِهِ ذَلِكَ قَالَ عَطَاءٌ: تَرِثُهُ وَإِنْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا مِنْهُ إذَا مَاتَ فِي مَرَضِهِ ذَلِكَ، مَا لَمْ تُنْكَحْ. وَمِنْ طَرِيقِ أَبِي عُبَيْدٍ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ فِي الَّتِي يُطَلِّقُهَا وَهُوَ مَرِيضٌ قَالَ: تَرِثُهُ وَإِنْ كَانَ إلَى سَنَتَيْنِ مَا لَمْ تَتَزَوَّجْ. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَسَمِعْت أَبَا يُوسُفَ الْقَاضِيَ يَقُولُ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، أَنَّهُ قَالَ فِي الْمُطَلَّقَةِ فِي الْمَرَضِ: تَرِثُهُ مَا لَمْ تَتَزَوَّجْ وَهُوَ قَوْلُ شَرِيكٍ الْقَاضِي، وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، وَإِسْحَاقَ، وَأَبِي عُبَيْدٍ. وَقَوْلٌ ثَامِنٌ وَهُوَ لِمَنْ قَالَ: إنَّهَا لاَ تَرِثُهُ، إِلاَّ مَا دَامَتْ فِي الْعِدَّةِ، وَإِنَّهَا تَنْتَقِلُ إلَى عِدَّةِ الْوَفَاةِ وَقَالَهُ أَيْضًا بَعْضُ مَنْ وَرَّثَهَا بَعْدَ الْعِدَّةِ: كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ أَبِي عُبَيْدٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: بَابٌ مِنْ الطَّلاَقِ جَسِيمٌ: إذَا وَرِثَتْ الْمَرْأَةُ اعْتَدَّتْ تَرِثُهُ مَا لَمْ تُنْكَحْ قَبْلَ مَوْتِهِ فَإِذَا وَرِثَتْهُ اعْتَدَّتْ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا. وَمِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ مِقْسَمٍ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ قَالَ: إذَا طَلَّقَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ وَهُوَ مَرِيضٌ فَمَاتَ وَرِثَتْهُ وَاسْتَأْنَفَتْ الْعِدَّةَ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا. وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، أَنَّهُ قَالَ: إذَا طَلَّقَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ وَهُوَ مَرِيضٌ فَإِنَّهَا تَكُونُ عَلَى أَقْصَى الْعِدَّتَيْنِ إنْ كَانَتْ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا أَكْثَرَ مِنْ حَيْضَتِهَا أَخَذَتْ بِالأَرْبَعَةِ الأَشْهُرِ وَالْعَشْرِ، وَإِنْ كَانَ الْحَيْضُ أَكْثَرَ أَخَذَتْ بِالْحَيْضِ. قال أبو محمد وَهَذَا هُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَمُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: تَتَمَادَى عَلَى الْحَيْضِ فَقَطْ، وَلاَ تَنْتَقِلُ إلَى عِدَّةِ الْوَفَاةِ. وَقَوْلٌ تَاسِعٌ وَهُوَ قَوْلُ مَنْ قَالَ: تَرِثُهُ فِي الْعِدَّةِ وَبَعْدَ الْعِدَّةِ، وَلَمْ يَخُصَّ " إنْ لَمْ تَتَزَوَّجْ "، وَلاَ قَالَ " وَإِنْ تَزَوَّجَتْ ". فَكَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ ابْنِ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي مُوسَى بْنُ يَزِيدَ عَنْ الزُّهْرِيِّ حَدَّثَنِي طَلْحَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَوْفٍ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ عَاشَ حَتَّى حَلَّتْ تُمَاضِرُ، ثُمَّ وَرَّثَهَا عُثْمَانُ مِنْهُ بَعْدَ مَا حَلَّتْ. وَهَكَذَا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ عَبَّادٍ الْمُهَلَّبِيُّ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ، كِلاَهُمَا عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أَنَّ أَبَاهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ فِي مَرَضِهِ فَمَاتَ بَعْدَ مَا حَلَّتْ فَوَرَّثَهَا عُثْمَانُ. وَاخْتُلِفَ عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِيهِ فَرَوَى عَنْهُ أَبُو عَوَانَةَ أَنَّهُ كَانَ ذَلِكَ فِي الْعِدَّةِ وَرَوَى عَنْهُ هُشَيْمٌ: كَانَ ذَلِكَ بَعْدَ الْعِدَّةِ، وَعُمَرُ ضَعِيفٌ. وَمِنْ طَرِيقِ ابْنِ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي يَزِيدُ بْنُ عِيَاضِ بْنِ جُعْدُبَةَ عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ مُجَاهِدٍ، أَنَّهُ قَالَ: إذَا طَلَّقَ الْمَرِيضُ امْرَأَتَهُ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا فَلَهَا مِيرَاثُهَا مِنْهُ وَنِصْفُ الصَّدَاقِ. وَمِنْ طَرِيقِ ابْنِ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي مَخْرَمَةُ بْنُ بُكَيْرٍ عَنْ أَبِيهِ، قَالَ يُقَالُ: إذَا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهُوَ وَجِعٌ وَقَدْ فَرَضَ لَهَا وَلَمْ يَمَسَّهَا، فَلَهَا نِصْفُ صَدَاقِهَا وَتَرِثُهُ. وَمِنْ طَرِيقِ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ يُوسُفَ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ بَكْرٍ عَنْ الْحَسَنِ فِيمَنْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلاَثًا فِي مَرَضِهِ فَمَاتَ وَقَدْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا فَإِنَّهَا تَرِثُهُ. وَمِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عُبَيْدٍ، وَمَنْصُورٌ، كِلاَهُمَا: عَنْ الْحَسَنِ فِيمَنْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهُوَ مَرِيضٌ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا قَالَ: لَهَا الصَّدَاقُ كُلُّهُ وَالْمِيرَاثُ، وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ. وَمِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ عُثْمَانَ الْبَتِّيِّ، وَحُمَيْدَ، وَأَصْحَابِ الْحَسَنِ، قَالُوا: تَرِثُهُ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ. وَقَوْلٌ عَاشِرٌ رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي رِجَالٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ رَبِيعَةَ قَالَ فِي الْمُطَلَّقَةِ ثَلاَثًا فِي الْمَرَضِ: تَرِثُهُ وَإِنْ نَكَحَتْ بَعْدَهُ عَشْرَةَ أَزْوَاجٍ. وَبِهَذَا يَقُولُ مَالِكٌ وَمَنْ قَلَّدَهُ وَرُوِيَ أَيْضًا عَنْ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ. وقال مالك: إنْ طَلَّقَهَا مَرِيضًا قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا فَلَهَا الْمِيرَاثُ، وَلَهَا نِصْفُ الصَّدَاقِ، وَلاَ عِدَّةَ عَلَيْهَا وَقَالَ: إنْ خَيَّرَهَا وَهُوَ مَرِيضٌ فَاخْتَارَتْ نَفْسَهَا فَطَلُقَتْ ثَلاَثًا، أَوْ اخْتَلَعَتْ مِنْهُ وَهُوَ مَرِيضٌ ثُمَّ مَاتَ مِنْ مَرَضِهِ فَإِنَّهَا تَرِثُهُ. قَالَ: وَكَذَلِكَ لَوْ حَلَفَ بِطَلاَقِهَا ثَلاَثًا إنْ دَخَلْت دَارَ فُلاَنٍ، وَهُوَ صَحِيحٌ فَمَرِضَ فَتَعَمَّدَتْ دُخُولَ تِلْكَ الدَّارِ فَطَلُقَتْ ثَلاَثًا، أَوْ مَاتَ مِنْ مَرَضِهِ، فَإِنَّهَا تَرِثُهُ. قَالَ: وَكَذَلِكَ مَنْ قَالَ وَهُوَ صَحِيحٌ: إذَا قَدِمَ أَبِي فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلاَثًا فَقَدِمَ أَبُوهُ وَهُوَ مَرِيضٌ فَطَلُقَتْ ثَلاَثًا ثُمَّ مَاتَ هُوَ فَإِنَّهَا تَرِثُهُ. قَالَ: وَمَنْ قَاتَلَ فِي الزَّحْفِ، أَوْ حُبِسَ لِلْقَتْلِ، فَطَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلاَثًا، فَإِنَّهَا تَرِثُهُ. قَالَ: وَالْمَحْصُورُ إنْ طَلَّقَ ثَلاَثًا لَمْ تَرِثْهُ. قَالَ: فَلَوْ ارْتَدَّ وَهُوَ مَرِيضٌ لَمْ تَرِثْهُ. وَقَوْلٌ حَادِيَ عَشَرَ: كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: طَلَّقَ غَيْلاَنُ بْنُ سَلَمَةَ الثَّقَفِيُّ نِسَاءَهُ، وَقَسَّمَ مَالَهُ بَيْنَ بَنِيهِ، وَذَلِكَ فِي خِلاَفَةِ عُمَرَ، فَبَلَغَهُ ذَلِكَ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: طَلَّقْت نِسَاءَك، وَقَسَّمْت مَالَك بَيْنَ بَنِيك قَالَ: نَعَمْ، قَالَ لَهُ عُمَرُ: وَاَللَّهِ لاََرَى الشَّيْطَانَ فِيمَا يَسْتَرِقُ مِنْ السَّمْعِ سَمِعَ بِمَوْتِك، فَأَلْقَاهُ فِي نَفْسِك فَلَعَلَّك أَنْ لاَ تَمْكُثَ إِلاَّ قَلِيلاً، وَأَيْمُ اللَّهِ لَئِنْ لَمْ تُرَاجِعْ نِسَاءَك، وَتَرْجِعْ فِي مَالِك لأَُوَرِّثَنهُنَّ مِنْك إذَا مِتَّ، ثُمَّ لاَمُرَن بِقَبْرِك فَلْيُرْجَمَن كَمَا يُرْجَمُ قَبْرُ أَبِي رِغَالَ قَالَ فَرَاجَعَ نِسَاءَهُ وَمَالَهُ، قَالَ نَافِعٌ: فَمَا لَبِثَ إِلاَّ سَبْعًا حَتَّى مَاتَ. وَأَمَّا الْمَحْصُورُ فَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ :، حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ الْعَوَّامِ عَنْ أَشْعَثَ عَنْ الشَّعْبِيِّ أَنَّ أُمَّ الْبَنِينَ بِنْتَ عُيَيْنَةَ بْنِ حِصْنٍ كَانَتْ تَحْتَ عُثْمَانَ، فَلَمَّا حُوصِرَ طَلَّقَهَا، وَكَانَ قَدْ أَرْسَلَ إلَيْهَا يَشْتَرِي مِنْهَا ثَمَنَهَا، فَأَبَتْ، فَلَمَّا قُتِلَ أَتَتْ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ عَلِيٌّ: تَرَكَهَا حَتَّى إذَا أَشْرَفَ عَلَى الْمَوْتِ طَلَّقَهَا، فَوَرَّثَهَا. وَقَوْلٌ ثَانِيَ عَشَرَ وَهُوَ مَنْ لَمْ يُوَرِّثْ الْمَبْتُوتَةَ فِي الْمَرَضِ: رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ: أَنَّهُ سَأَلَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ عَنْ الْمَبْتُوتَةِ: يَعْنِي فِي الْمَرَضِ قَالَ: فَقَالَ لِي ابْنُ الزُّبَيْرِ: طَلَّقَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ بِنْتَ الأَصْبَغِ الْكَلْبِيَّةَ ثَلاَثًا ثُمَّ مَاتَ وَهِيَ فِي عِدَّتِهَا فَوَرَّثَهَا عُثْمَانُ. قَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ: فأما أَنَا فَلاَ أَرَى أَنْ تَرِثَ الْمَبْتُوتَةُ. وَمِنْ طَرِيقِ أَبِي عُبَيْدٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ، حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ قَالَ: سَأَلْت عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ عَمَّنْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلاَثًا وَهُوَ مَرِيضٌ فَقَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ: أَمَّا عُثْمَانُ فَوَرَّثَ ابْنَةَ الأَصْبَغِ الْكَلْبِيَّةَ، وَأَمَّا أَنَا فَلاَ أَرَى أَنْ تَرِثَ مَبْتُوتَةٌ. وَمِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ، وَالْحَجَّاجِ بْنِ الْمِنْهَالِ، قَالاَ جَمِيعًا :، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ عَنْ أَبِيهِ، فَذَكَرَ حَدِيثَ أَبِيهِ، وَأَنَّ امْرَأَتَهُ تُمَاضِرَ بِنْتَ الأَصْبَغِ بْنِ زِيَادِ بْنِ الْحُصَيْنِ أَرْسَلَتْ إلَيْهِ تَسْأَلُهُ الطَّلاَقَ فَقَالَ: إذَا طَهُرَتْ: يَعْنِي مِنْ حَيْضِهَا فَلْتُؤْذِنِّي فَطَهُرَتْ، فَأَرْسَلَتْ إلَيْهِ وَهُوَ مَرِيضٌ، فَغَضِبَ وَقَالَ: هِيَ طَالِقٌ أَلْبَتَّةَ، وَلاَ رَجْعَةَ لَهَا، فَلَمْ يَلْبَثْ إِلاَّ يَسِيرًا حَتَّى مَاتَ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَوْفٍ: لاَ أُوَرِّثُ تُمَاضِرَ شَيْئًا هَذَا لَفْظُ الْحَجَّاجِ وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ فِي رِوَايَتِهِ: فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: لاَ أُوَرِّثُ تُمَاضِرَ شَيْئًا، ثُمَّ اتَّفَقَا، فَارْتَفَعُوا إلَى عُثْمَانَ فَوَرَّثَهَا، وَكَانَ ذَلِكَ فِي الْعِدَّةِ. وَمِنْ طَرِيقِ أَبِي عُبَيْدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ لَيْثٍ عَنْ طَاوُوس، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي الَّذِي يُطَلِّقُ امْرَأَتَهُ ثَلاَثًا فِي مَرَضِهِ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا قَالَ: لَيْسَ لَهَا مِيرَاثٌ، وَلَهَا نِصْفُ الصَّدَاقِ. وَمِنْ طَرِيقِ قَتَادَةَ: أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ قَالَ: لاَ تَرِثُ الْمَبْتُوتَةُ. وَمِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ عَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ مِقْسَمٍ عَنْ الْحَارِثِ الْعُكْلِيِّ، قَالَ: مَنْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ طَلْقَتَيْنِ فِي صِحَّتِهِ فَطَلَّقَهَا الثَّالِثَةَ لِلْعِدَّةِ فِي مَرَضِهِ لَمْ تَرِثْهُ، لأََنَّهُ لَمْ تَعْتَدَّ وَبِأَنْ لاَ تَرِثَ الْمُطَلَّقَةُ الْمَبْتُوتَةُ فِي الْمَرَضِ يَقُولُ الشَّافِعِيُّ، وَأَبُو سُلَيْمَانَ، وَأَصْحَابُهُمَا. قال أبو محمد: احْتَجَّ مَنْ رَأَى تَوْرِيثَ الْمَبْتُوتَةِ فِي الْمَرَضِ بِأَنْ قَالُوا: فَرَّ بِذَلِكَ عَمَّا أَوْجَبَ اللَّهُ تَعَالَى لَهَا فِي كِتَابِهِ فِي الْمِيرَاثِ، فَوَجَبَ أَنْ يُقْضَى عَلَيْهِ وَعَلَى مَنْ لاَ يُتَّهَمُ بِذَلِكَ، لِئَلَّا يَكُونَ ذَرِيعَةً إلَى مَنْعِ الْحُقُوقِ. قال أبو محمد: فَنَقُولُ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى نَتَأَيَّدُ مَا فَرَّ قَطُّ عَنْ كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى بَلْ أَخَذَ بِكِتَابِ اللَّهِ وَاتَّبَعَهُ، لأََنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَبَاحَ الطَّلاَقَ، وَقَطَعَ بِالثَّلاَثِ، وَبِالطَّلاَقِ قَبْلَ الْوَطْءِ: جَمِيعَ حُقُوقِ الزَّوْجِيَّةِ: مِنْ النَّفَقَةِ، وَإِبَاحَةِ الْوَطْءِ، وَالتَّوَارُثِ، فَأَيْنَ هَاهُنَا الْفِرَارُ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى إنَّمَا كَانَ يَفِرُّ عَنْ كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى لَوْ قَالَ: لاَ تَرِثُ مِنِّي شَيْئًا دُونَ أَنْ يُطَلِّقَهَا، بَلْ الْفِرَارُ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى: هُوَ تَوْرِيثُ مَنْ لَيْسَتْ زَوْجَةً، وَلاَ أُمًّا، وَلاَ جَدَّةً، وَلاَ ابْنَةً، وَلاَ ابْنَةَ ابْنٍ، وَلاَ أُخْتًا، وَلاَ مُعْتِقَةً، وَلَكِنْ أَجْنَبِيَّةً لَمْ يَجْعَلْ اللَّهُ تَعَالَى قَطُّ لَهَا مِيرَاثًا. وَكَيْف يَجُوزُ أَنْ تُوَرَّثَ بِالزَّوْجِيَّةِ مَنْ إنْ وَطِئَهَا رُجِمَ أَوْ مَنْ قَدْ حَلَّ لَهَا زَوَاجُ غَيْرِهِ: أَوْ مَنْ هِيَ زَوْجَةٌ لِغَيْرِهِ هَذَا هُوَ خِلاَفُ كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى حَقًّا، بِلاَ شَكٍّ. وَأَيْضًا فَإِنْ كَانَتْ تَرِثُهُ بِالزَّوْجِيَّةِ فَوَاجِبٌ أَنْ يَرِثَهَا بِالزَّوْجِيَّةِ كَمَا يَقُولُ الْحَسَنُ إذْ مِنْ الْبَاطِلِ الْمُحَالِ الْمُمْتَنِعِ أَنْ تَكُونَ هِيَ امْرَأَتَهُ، وَلاَ يَكُونُ هُوَ زَوْجَهَا. فَإِنْ قَالُوا: لَيْسَتْ امْرَأَتَهُ. قلنا: فَلِمَ وَرَّثْتُمُوهَا مِيرَاثَ زَوْجَةٍ، وَهَذَا عَجَبٌ جِدًّا وَهَذَا أَكْلُ الْمَالِ بِالْبَاطِلِ، بِلاَ شَكٍّ. وَمِنْ الْعَجَبِ قَوْلُهُمْ: فَرَّ بِمِيرَاثِهَا، وَأَيُّ مِيرَاثٍ لَهَا مِنْ صَحِيحٍ لَعَلَّهَا هِيَ تَمُوتُ قَبْلَهُ وَرُبَّ صَحِيحٍ يَمُوتُ قَبْلَ ذَلِكَ الْمَرِيضِ، وَقَدْ يَبْرَأُ مِنْ مَرَضِهِ، فَمَا وَجَبَ بِهَا قَطُّ إذْ طَلَّقَهَا مِيرَاثٌ يَفِرُّ بِهِ عَنْهَا. ثُمَّ مِنْ الْعَجَبِ تَوْرِيثُ الْحَنَفِيِّينَ الْمَبْتُوتَةَ مِمَّنْ حُبِسَ لِلْقَتْلِ، أَوْ بَارَزَ فِي حَرْبٍ وَلَيْسَ مَرِيضًا، وَمَنْعُهُمْ الْمِيرَاثَ لِلَّتِي أَكْرَهَهَا أَبُو زَوْجِهَا عَلَى أَنْ وَطِئَهَا فِي مَرَضِ زَوْجِهَا، وَلَيْسَ لِزَوْجِهَا فِي ذَلِكَ عَمَلٌ أَصْلاً، وَلاَ طَلَّقَهَا مُخْتَارًا قَطُّ وَتَوْرِيثُ الْمَالِكِيِّينَ الْمُخْتَلِعَةَ، وَالْمُخْتَارَةَ نَفْسَهَا، وَالْقَاصِدَةَ إلَى تَحْنِيثِهِ فِي مَرَضِهِ فِي يَمِينِهِ، وَهُوَ صَحِيحٌ بِالطَّلاَقِ، وَهُوَ كَارِهٌ لِمُفَارَقَتِهَا وَهِيَ مُسَارِعَةٌ إلَيْهِ، مُكْرِهَةٌ لَهُ عَلَى ذَلِكَ. وَمَا فِي الْعَجَبِ أَكْثَرُ مِنْ مَنْعِهِمْ الْمُتَزَوِّجَةَ فِي الْمَرَضِ مِنْ الْمِيرَاثِ الَّذِي أَوْجَبَهُ اللَّهُ تَعَالَى لَهَا يَقِينًا بِالزَّوْجِيَّةِ الصَّحِيحَةِ، وَتَوْرِيثِهِمْ الْمُطَلَّقَةَ ثَلاَثًا فِي الْمَرَضِ، فَوَرَّثُوا بِالزَّوْجِيَّةِ مَنْ لَيْسَتْ زَوْجَةً، وَمَنَعُوا مِيرَاثَ الزَّوْجَةِ مَنْ هِيَ زَوْجَتُهُ وَحَسْبُنَا اللَّهُ، وَنِعْمَ الْوَكِيلُ. وَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ ابْنِ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي مَالِكٌ وَعَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، وَمَخْرَمَةُ بْنُ بُكَيْرٍ، وَيُونُسُ بْنُ يَزِيدَ، قَالَ مَالِكٌ، وَاللَّيْثُ وَعَمْرُ وَكُلُّهُمْ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حِبَّانَ وَقَالَ مَخْرَمَةُ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ " وَقَالَ يُونُسُ، وَاللَّفْظُ لَهُ :، حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ أَنَّ رَجُلاً مِنْ الأَنْصَارِ يُقَالُ: لَهُ: حِبَّانُ بْنُ مُنْقِذٍ كَانَتْ تَحْتَهُ هِنْدُ بِنْتُ رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَامْرَأَةٌ مِنْ الأَنْصَارِ فَطَلَّقَ الأَنْصَارِيَّةَ وَهِيَ تُرْضِعُ ابْنَهُ وَهُوَ صَحِيحٌ فَمَكَثَتْ سَبْعَةَ أَشْهُرٍ أَوْ قَرِيبًا مِنْ ثَمَانِيَةِ أَشْهُرٍ لاَ تَحِيضُ، ثُمَّ مَرِضَ حِبَّانُ فَقِيلَ لَهُ: إنَّهَا تَرِثُك إنْ مِتّ قَالَ: احْمِلُونِي إلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عُثْمَانَ فَحُمِلَ إلَيْهِ فَذَكَرَ لَهُ شَأْنَ امْرَأَتِهِ وَعِنْدَهُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ فَقَالَ لَهُمَا عُثْمَانُ: مَا تَرَيَانِ قَالاَ جَمِيعًا: نَرَى أَنَّهَا تَرِثُهُ إنْ مَاتَ، وَيَرِثُهَا إنْ مَاتَتْ، فَإِنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ الْقَوَاعِدِ اللَّاتِي يَئِسْنَ مِنْ الْمَحِيضِ، وَلَيْسَتْ مِنْ اللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ، فَهِيَ عِنْدَهُ عَلَى حَيْضِهَا مَا كَانَتْ مِنْ قَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ، وَأَنَّهُ لَمْ يَمْنَعْهَا مِنْ أَنْ تَحِيضَ إِلاَّ الرَّضَاعُ فَرَجَعَ حِبَّانُ فَانْتَزَعَ ابْنَهُ مِنْهَا، فَلَمَّا فَقَدَتْ الرَّضَاعَ حَاضَتْ حَيْضَةً، ثُمَّ حَاضَتْ أُخْرَى فِي الْهِلاَلِ، ثُمَّ تُوُفِّيَ حِبَّانُ عَلَى رَأْسِ السَّنَةِ أَوْ قَرِيبًا مِنْهَا فَشَرَّكَ عُثْمَانُ بَيْنَ الْمَرْأَتَيْنِ فِي الْمِيرَاثِ، وَأَمَرَ الأَنْصَارِيَّةَ أَنْ تَعْتَدَّ عِدَّةَ الْوَفَاةِ وَقَالَ لِلْهَاشِمِيَّةِ هَذَا رَأْيُ ابْنِ عَمِّك، هُوَ أَشَارَ عَلَيْنَا بِهِ يَعْنِي عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ قَالَ ابْنُ وَهْبٍ :، حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ بَكْرٍ عَنْ الأَوْزَاعِيِّ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: إنَّ عُثْمَانَ قَضَى أَنْ نَخْتَلِجَ مِنْهَا وَلَدَهَا حَتَّى تَحِيضَ أَقْرَاءَهَا. قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: أَخْبَرَنِي خَالِدُ بْنُ حُمَيْدٍ الْمَهْرِيُّ عَمَّنْ أَخْبَرَهُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ عُثْمَانَ أَرْسَلَ إلَى زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ يُشَاوِرُهُ فِي أَمْرِ حِبَّانَ بْنِ مُنْقِذٍ فَقَالَ زَيْدٌ: اخْتَلَجَ ابْنَهُ مِنْهَا، تَرْجِعُ الْحَيْضَةُ فَفَعَلَ عُثْمَانُ، وَذَكَرَ الْخَبَرَ . وَبِهِ يَقُولُ مَالِكٌ. قال أبو محمد: هَذَا حَقًّا هُوَ الْفِرَارُ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ تُمْنَعَ رَضَاعَ وَلَدِهَا لِيَتَعَجَّلَ حَيْضَهَا فَتَتِمَّ عِدَّتُهَا، وَتُبْطِلَ مِيرَاثَهَا وَإِنَّمَا كَانَ الْوَجْهُ إذَا هُوَ عِنْدَهُمْ فَارٌّ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ أَنْ يُبْطِلُوا الطَّلاَقَ الَّذِي بِهِ أَرَادَ مَنْعَهَا الْمِيرَاثَ، كَمَا فَعَلَ الْمَالِكِيُّونَ فِي نِكَاحِ الْمَرِيضِ. وَأَمَّا تَجْوِيزُهُمْ الطَّلاَقَ وَإِبْقَاؤُهُمْ الْمِيرَاثَ فَمُنَاقَضَةٌ ظَاهِرَةُ الْخَطَأِ. وَقَدْ أَوْرَدْنَا قَبْلُ عَنْ عُثْمَانَ أَنَّهُ لَمْ يُجِزْ ذَلِكَ الطَّلاَقَ، إذْ أَمَرَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بِمُرَاجَعَتِهَا بَعْدَ أَنْ طَلَّقَهَا ثَلاَثًا. وَيُقَالُ لَهُمْ: أَتَرَوْنَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ فَرَّ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى حَاشَا لَهُ مِنْ ذَلِكَ، فَمِنْ قَوْلِهِمْ: إنَّمَا فَعَلَ ذَلِكَ بِمَنْ لاَ يُظَنُّ بِهِ الْفِرَارُ لِقَطْعِ الذَّرِيعَةِ . فَقُلْنَا: فَهَلاَّ قُلْتُمْ بِقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ فِي أَنَّ مَنْ أَكْرَهَهَا أَبُو زَوْجِهَا عَلَى الْوَطْءِ أَنَّهَا تَرِثُ؛ لأََنَّهُ قَدْ يُمْكِنُ أَنْ يَدُسَّ الزَّوْجُ أَبَاهُ لِذَلِكَ لِيَمْنَعَهَا الْمِيرَاثَ فَرُبَّ فَاسِقٍ يَسْتَسْهِلُ هَذَا فِي حَرِيمَتِهِ فَيَكُونُ قَطْعًا لِلذَّرِيعَةِ. وَهَلَّا إنْ كُنْتُمْ مَالِكِيِّينَ قُلْتُمْ بِذَلِكَ فِي الْمُرْتَدِّ فِي مَرَضِهِ، إذْ قُلْتُمْ: لاَ نَتَّهِمُهُ أَنَّهُ ارْتَدَّ فِرَارًا مِنْ مِيرَاثِهَا، فَكَمْ مِنْ النَّاسِ فَرَّ إلَى أَرْضِ الْحَرْبِ وَارْتَدَّ لِغَضَبٍ غَضِبَهُ، وَلِيَغِيظَ جَارَهُ بِأَذَاهُ لَهُ وَهَذَا كُلُّهُ تَنَاقُضٌ لاَ خَفَاءَ بِهِ فَكَيْفَ مَنْ ارْتَدَّ لِئَلَّا تَرِثَهُ ثُمَّ رَاجَعَ الإِسْلاَمَ وَهَلَّا وَرَّثُوهَا مِنْهُ وَإِنْ مَاتَتْ قَبْلَهُ فَلاَ فَرْقَ بَيْنَ تَوْرِيثِهَا وَهِيَ مَيِّتَةٌ وَبَيْنَ تَوْرِيثِهَا بِالزَّوْجِيَّةِ وَهِيَ أَجْنَبِيَّةٌ زَوْجَةٌ لِغَيْرِهِ لَوْ وَطِئَهَا هُوَ لَرُجِمَ وَرُجِمَتْ. فَإِنْ قَالُوا: لَمْ يَأْتِ بِهَذَا أَثَرٌ . قلنا: وَلاَ جَاءَ فِي الْمُبَارِزِ أَثَرٌ فَهَلاَّ قِسْتُمْ هَذَا عَلَى الْمُطَلَّقَةِ كَمَا قِسْتُمْ ذَلِكَ عَلَى الْمُطَلِّقِ، وَلاَ وَرَّثْتُمُوهَا مِنْ الْمُرْتَدِّ، فَقَدْ قَالَ بِتَوْرِيثِ مَالِ الْمُرْتَدِّ لِوَرَثَتِهِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ طَائِفَةٌ مِنْ السَّلَفِ. وَلاَ نَدْرِي مَا قَوْلُهُمْ فِي مَرِيضٍ تَحْتَهُ مَمْلُوكَةٌ فَأُعْتِقَتْ فِي مَرَضِهِ فَاخْتَارَتْ فِرَاقَهُ وَفِي مَمْلُوكٍ تَحْتَهُ حُرَّةٌ فَطَلَّقَهَا بَتَاتًا، وَهُوَ مَرِيضٌ ثُمَّ أُعْتِقَ هُوَ وَفِي مُسْلِمٍ تَحْتَهُ كِتَابِيَّةٌ فَطَلَّقَهَا فِي مَرَضِهِ ثَلاَثًا ثُمَّ اعْتَدَّتْ وَأَسْلَمَتْ فِي عِدَّتِهَا أَوْ بَعْدَ عِدَّتِهَا، أَوْ بَعْدَ أَنْ تَزَوَّجَتْ . وَأَيْضًا فَإِنَّ الْفِرَارَ بِالْمِيرَاثِ عَنْهَا يَدْخُلُ فِي طَلاَقِ الصَّحِيحِ كَمَا يَدْخُلُ فِي طَلاَقِ الْمَرِيضِ، وَقَدْ يَمُوتُ الصَّحِيحُ قَبْلَ الْمَرِيضِ، فَلْيُوَرِّثُوهَا مِمَّنْ طَلَّقَهَا ثَلاَثًا وَهُوَ صَحِيحٌ ثُمَّ مَاتَ بَغْتَةً أَوْ مِنْ مَرَضٍ أَصَابَهُ. وَأَيْضًا فَلاَ يَخْتَلِفُونَ فِيمَنْ بِهِ حِينَ قَاتَلَ، أَوْ جُرِحَ فَانْتَثَرَتْ حَشْوَتُهُ فَتَحَامَلَ فَوَطِئَ جَارِيَةً لَهُ فَحَمَلَتْ وَهُوَ يَهْتِفُ بِأَنَّهُ إنَّمَا وَطِئَهَا لِتَحْمِلَ فَيَحْرِمَ عَصَبَتَهُ الْمِيرَاثَ أَنَّهَا إنْ حَمَلَتْ وَوَلَدَتْ حَرَمَتْ الْعَصَبَةَ الْمِيرَاثَ. فَإِنْ قَالُوا: وَقَدْ لاَ تَحْمِلُ. قلنا: وَهُوَ قَدْ يُفِيقُ، وَهِيَ قَدْ تَمُوتُ قَبْلَهُ وَهَلَّا وَضَعُوا الظَّنَّ فِي الْفِرَارِ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى حَيْثُ هُوَ أَلْيَقُ بِهِ فَيَقُولُوا: إذَا طَلَّقَهَا ثَلاَثًا وَهُوَ مَرِيضٌ فَإِنَّمَا فَرَّ عَنْ كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى فِيمَا أَوْجَبَ لَهَا مِنْ النَّفَقَةِ وَالْكِسْوَةِ الْوَاجِبَ لَهَا كُلَّ ذَلِكَ، فَيُلْزِمُونَهُ الْكِسْوَةَ وَالنَّفَقَةَ أَبَدًا، فَلَمْ يَفْعَلُوا، وَأَعْمَلُوا ظَنَّهُمْ فِي أَنَّهُ فَرَّ عَنْهَا بِمِيرَاثٍ لَمْ يَجِبْ لَهَا قَطُّ. وَلاَ يَخْتَلِفُونَ فِي أَنَّ مَنْ أَقَرَّ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ بِوَلَدٍ أَنَّهُ يَلْحَقُهُ وَيَرِثُ وَيَمْنَعُ عَصَبَتَهُ الْمِيرَاثَ، وَيَحُطُّ الزَّوْجَةَ مِنْ رُبُعٍ إلَى ثُمُنٍ فَهَلاَّ قَالُوا: إنَّمَا فَعَلَ ذَلِكَ لِيَحُطَّهَا مِنْ الْمِيرَاثِ. وَأَمَّا الْحَنَفِيُّونَ فَإِنَّهُمْ أَمْضَوْا فِرَارَهُ عَنْ كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، إذْ قَطَعُوا مِيرَاثَهَا بَعْدَ الْعِدَّةِ فَجَعَلُوهُ يَنْتَفِعُ بِفِرَارِهِ عَنْ كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى فِي مَوْضِعٍ، وَلاَ يَنْتَفِعُ بِهِ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ فَهَذَا التَّخْلِيطُ وَالْخَبْطُ، وَانْقِطَاعُ الْعِدَّةِ: مُتَوَلِّدٌ مِنْ الطَّلاَقِ الَّذِي هُوَ فِعْلُهُ. وَيُقَالُ لَهُمْ: قَدْ أَجَزْتُمْ نِكَاحَ الْمَرِيضِ وَهُوَ إضْرَارٌ بِأَهْلِ الْمِيرَاثِ فِي إدْخَالِ مَنْ يُشْرِكُهُمْ فِيهِ فَهَلاَّ إذْ أَجَزْتُمْ طَلاَقَ الْمَرِيضِ أَمْضَيْتُمْ حُكْمَهُ فِي قَطْعِ الْمِيرَاثِ وَيُقَالُ لِلْمَالِكِيِّينَ: مِنْ أَيْنَ وَرَّثْتُمْ الْمُخَنَّثَةَ لِزَوْجِهَا فِي مَرَضِهِ وَهُوَ لَمْ يَفِرَّ قَطُّ بِمِيرَاثِهَا، وَلاَ طَلَّقَهَا فِي مَرَضِهِ، وَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يُقَاسَ غَيْرُ فَارٍّ عَلَى فَارٍّ. وأعجب شَيْءٍ قَوْلُ الْمَالِكِيِّينَ فِي الَّتِي يُطَلِّقُهَا زَوْجُهَا وَهُوَ مَرِيضٌ وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا: أَنَّهَا تَرِثُهُ، وَلَيْسَ لَهَا إِلاَّ نِصْفُ الصَّدَاقِ فَهَلاَّ قَالُوا: إنَّهُ فَرَّ بِنِصْفِ صَدَاقِهَا فَيَقْضُوا لَهَا بِجَمِيعِهِ كَمَا قَالَ الْحَسَنُ وَهَلَّا قَالُوا فِيمَنْ قَالَ لأَمْرَأَتِهِ: إنْ دَخَلْت دَارَ زَيْدٍ فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلاَثًا، وَهُوَ صَحِيحٌ فَاعْتَلَّتْ هِيَ فَأَمَرَتْ مَنْ حَمَلَهَا فَدَخَلَتْ دَارَ زَيْدٍ وَقَالَتْ: إنَّمَا أَفْعَلُ هَذَا لِئَلَّا يَرِثَنِي فَهَذِهِ فَارَّةٌ بِمِيرَاثِهَا، فَهَلاَّ وَرَّثُوهُ مِنْهَا بِعِلَّةِ الْفِرَارِ وَلَكِنَّهُمْ لاَ يَتَمَسَّكُونَ بِنَصٍّ، وَلاَ بِقِيَاسٍ، وَلاَ بِعِلَّةٍ. وَعَجَبٌ آخَرُ وَهُوَ أَنَّهُمْ قَالُوا: إنْ صَحَّ لَمْ تَرِثْهُ فَجَعَلُوهُ يَنْتَفِعُ بِفِرَارِهِ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ إنْ صَحَّ وَهَذَا تَلاَعُبٌ، وَلَمْ يَأْتِ قَطُّ عَنْ أَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ أَنَّهُ إنْ صَحَّ لَمْ تَرِثْهُ إِلاَّ عَنْ أُبَيٍّ وَحْدَهُ. وَقَدْ خَالَفَهُ الْمَالِكِيُّونَ فِي قَوْلِهِ: إِلاَّ أَنْ تَتَزَوَّجَ. وَخَالَفَهُ الْحَنَفِيُّونَ فِي تَوْرِيثِهَا مِنْهُ بَعْدَ الْعِدَّةِ وَالْقَوْمُ مُتَلاَعِبُونَ بِلاَ شَكٍّ. وقال بعضهم: لَمَّا كَانَ الْمَرَضُ يُحْدِثُ لِصَاحِبِهِ أَحْكَامًا لَمْ تَكُنْ لَهُ فِي الصِّحَّةِ فَيُمْنَعُ مِنْ أَكْثَرَ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ فِي الصَّدَقَةِ، وَالْعِتْقِ، وَالْهِبَةِ، وَكَانَ الطَّلاَقُ كَذَلِكَ . فَقُلْنَا: هَذَا احْتِجَاجٌ لِلْخَطَأِ بِالْخَطَأِ، وَمَا وَجَبَ قَطُّ مَنْعُ الْمَرِيضِ مِنْ جَمِيعِ مَالِهِ، بَلْ هُوَ كَالصَّحِيحِ سَوَاءً سَوَاءً، وَحَتَّى لَوْ كَانَ مَا قُلْتُمْ فَمِنْ أَيْنَ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ الطَّلاَقُ مَقِيسًا عَلَى ذَلِكَ، وَمَا نَعْلَمُ دَلِيلاً عَلَى ذَلِكَ لاَ مِنْ نَصٍّ، وَلاَ مِنْ إجْمَاعٍ، وَلاَ مِنْ قَوْلٍ مُتَقَدِّمٍ، وَلاَ مِنْ مَعْقُولٍ، وَلاَ دَعْوَى كَاذِبَةٍ فَبَطَلَ هَذَا أَيْضًا بِيَقِينٍ، وَلاَ يَعْجِزُ أَحَدٌ عَنْ أَنْ يَدَّعِيَ مَا شَاءَ. وَقَدْ تَكَلَّمْنَا عَلَى هَذَا فِي " كِتَابِ الْهِبَاتِ " مِنْ دِيوَانِنَا هَذَا فَأَغْنَى عَنْ إعَادَتِهِ. وَقَالُوا: هَذَا قَوْلُ جُمْهُورِ الصَّحَابَةِ، رضي الله عنهم. فَقُلْنَا: كَذَبَ مَنْ قَالَ هَذَا، أَشْنَعَ كَذِبٍ، إنَّمَا جَاءَتْ فِي ذَلِكَ رِوَايَاتٌ مُخْتَلِفَةٌ مُتَنَاقِضَةٌ عَنْ خَمْسَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ فَقَطْ: عُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَعَلِيٍّ، وَعَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ، وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ. أَمَّا الرِّوَايَةُ عَنْ عَلِيٍّ فَسَاقِطَةٌ مَفْضُوحَةٌ، وَلَمْ تَصِحَّ قَطُّ، لأََنَّهَا، عَنِ ابْنِ وَهْبٍ وَعَنْ رِجَالٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَنْ عَلِيٍّ، ثُمَّ لَيْسَ عَنْهُ إِلاَّ الْمُطَلَّقَةُ فِي الْمَرَضِ تَرِثُ وَنَحْنُ نَقُولُ: إنَّهَا تَرِثُ مَا لَمْ تَكُنْ مَبْتُوتَةً، وَلَيْسَ فِيهِ: أَنَّهَا تَرِثُ فِي الْعِدَّةِ دُونَ مَا بَعْدَ الْعِدَّةِ، وَلاَ أَنَّهَا تَرِثُ إِلاَّ أَنْ يَصِحَّ فَهِيَ رِوَايَةٌ عَلَى سُقُوطِهَا غَيْرُ مُوَافِقَةٍ لِتَحَكُّمِ الْحَنَفِيِّينَ، وَالْمَالِكِيِّينَ، فَكَيْفَ وَقَدْ أَوْرَدْنَا عَنْ عَلِيٍّ مِثْلَهَا: لاَ تَرِثُ مَبْتُوتَةٌ. وَأَوْرَدْنَا عَنْهُ: أَنَّهُ وَرَّثَ الْمَرْأَةَ الَّتِي طَلَّقَهَا عُثْمَانُ وَهُوَ مَحْصُورٌ وَهُمْ كُلُّهُمْ لاَ يَقُولُونَ بِهَذَا. وَالرِّوَايَةُ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ لاَ تَصِحُّ، لأََنَّ سَعِيدَ بْنَ أَبِي عَرُوبَةَ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ شَيْئًا قَطُّ، فَلاَ نَدْرِي عَمَّنْ أَخَذَهُ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِقَوْلِ الْمَالِكِيِّينَ، فَهُوَ عَلَيْهِمْ لاَ لَهُمْ فَسَقَطَتْ هَذِهِ الرِّوَايَةُ. وَالرِّوَايَةُ عَنْ أُبَيٍّ سَاقِطَةٌ لاَ تَصِحُّ، لأََنَّهَا مِنْ طَرِيقِ شَيْخٍ مِنْ قُرَيْشٍ لاَ يُدْرَى مَنْ هُوَ ثُمَّ هِيَ مُخَالِفَةٌ لِلْحَنَفِيِّينَ، وَالْمَالِكِيِّينَ جَمِيعًا، لأََنَّ فِيهَا: إِلاَّ أَنْ تَتَزَوَّجَ فَبَطَلَ تَعَلُّقُهُمْ بِمَا هُمْ أَوَّلُ مُخَالِفِينَ لَهُ. الرِّوَايَةُ عَنْ عُمَرَ مُنْقَطِعَةٌ، لأََنَّهَا عَنْ إبْرَاهِيمَ عَنْ عُمَرَ، وَفِي بَعْضِ رِوَايَاتِي، عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَهُوَ وَهْمٌ وَكِلاَهُمَا غَيْرُ مُتَّصِلَةٍ، لأََنَّ إبْرَاهِيمَ لَمْ يَسْمَعْ قَطُّ مِنْ عُمَرَ، وَلاَ مِنْ ابْنِ عُمَرَ كَلِمَةً، وَإِنَّمَا تَصِحُّ مِنْ الطَّرِيقِ الَّتِي أَوْرَدْنَا عَنْ إبْرَاهِيمَ عَنْ شُرَيْحٍ مَعَ أَنَّ كُلَّ مَا رُوِيَ فِي ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ مُخَالِفٌ لِلْمَالِكِيِّينَ، لأََنَّهَا كُلُّهَا، لاَ تَرِثُ إِلاَّ فِي الْعِدَّةِ فَلَيْسَ لِلْحَنَفِيِّينَ غَيْرُ هَذِهِ الرِّوَايَةِ وَحْدَهَا. وَكَمْ قِصَّةٍ خَالَفُوا فِيهَا الطَّائِفَةَ مِنْ الصَّحَابَةِ لاَ يُعْرَفُ لَهُمْ فِيهَا مُخَالِفٌ، كَقَوْلِ عُمَرَ فِي امْرَأَةِ الْمَفْقُودِ وَغَيْرِ ذَلِكَ. نَعَمْ، وَفِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ نَفْسِهَا، لأََنَّ فِيهَا: كَانَ فِيمَا جَاءَ بِهِ عُرْوَةُ الْبَارِقِيُّ إلَى شُرَيْحٍ مِنْ عِنْدِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ: أَنَّ جُرُوحَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ سَوَاءٌ إِلاَّ الْمُوضِحَةُ [ وَالسُّنَنُ فِيمَا جَاءَ ] فَعَلَى النِّصْفِ. وَإِذَا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلاَثًا وَرِثَتْهُ مَا دَامَتْ فِي الْعِدَّةِ. وَمِنْ الْبَاطِلِ أَنْ يَكُونَ بَعْضُ كِتَابِ عُمَرَ حُجَّةً وَبَعْضُهُ لَيْسَ بِحُجَّةٍ، لأََنَّهُمْ كُلُّهُمْ لاَ يَقُولُونَ بِهَذَا. وَقَدْ أَوْرَدْنَا عَنْ عُمَرَ بِأَصَحِّ طَرِيقٍ، أَنَّهُ قَالَ لِغَيْلاَنَ بْنِ سَلَمَةَ وَقَدْ طَلَّقَ نِسَاءَهُ وَهُوَ صَحِيحٌ: لَئِنْ مِتّ لاَُوَرِّثَنهُنَّ مِنْك وَهُمْ لاَ يَقُولُونَ بِهَذَا، فَكَيْفَ وَقَدْ صَحَّ خِلاَفُ عُمَرَ فِي هَذَا، عَنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَوْفٍ أَخِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَلَهُ صُحْبَةٌ. وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ مِثْلُ قَوْلِنَا، وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ. وَأَمَّا الرِّوَايَةُ عَنْ عُثْمَانَ فَقَدْ ذَكَرْنَا أَنَّهُ لَمْ يَرَهُ طَلاَقًا، وَأَنَّهُ أَمَرَهُ بِمُرَاجَعَتِهَا وَهَذَا خِلاَفٌ لِلطَّائِفَتَيْنِ مَعًا. ثُمَّ اضْطَرَبَتْ رِوَايَةُ الثِّقَاتِ عَنْهُ: فَرَوَى عَنْهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ، وَحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ: أَنَّهُ لَمْ يُوَرِّثْهَا إِلاَّ فِي الْعِدَّةِ. وَكَذَلِكَ رَوَى أَبُو عَوَانَةَ عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ وَرَوَى عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، وَطَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَوْفٍ، وَهُشَيْمٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، وَابْنِ الْمُسَيِّبِ: أَنَّهُ وَرَّثَهَا مِنْهُ بَعْدَ الْعِدَّةِ فَإِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ مُخَالِفَةٌ لِلْحَنَفِيِّينَ، وَلاَ شَكَّ فِي أَنَّ إحْدَاهُمَا وَهْمٌ، لاَ نَدْرِي أَيَّتَهمَا هِيَ، وَلاَ يَجُوزُ الْحُكْمُ بِقَضِيَّةٍ قَدْ صَحَّ الْوَهْمُ فِيهَا، فَلاَ يُدْرَى كَيْف وَقَعَتْ وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ عُثْمَانَ: أَنَّ زَيْدًا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَبِهِ فَالِجٌ فَعَاشَ سَنَتَيْنِ ثُمَّ مَاتَ فَوَرَّثَهَا مِنْهُ وَهُمْ لاَ يَخْتَلِفُونَ فِي أَنَّ الْمَفْلُوجَ لاَ يَرِثُهُ بِذَلِكَ الْمَرَضِ مَنْ طَلَّقَهَا فِيهِ فَسَقَطَ تَعَلُّقُهُمْ بِعُثْمَانَ. وَالْعَجَبُ أَنَّ الْحَنَفِيِّينَ يَقُولُونَ: إنَّهَا إنْ سَأَلَتْهُ الطَّلاَقَ فِي مَرَضِهِ فَطَلَّقَهَا: أَنَّهَا لاَ تَرِثُهُ، وَالثَّابِتُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهُ لَمْ يُطَلِّقْهَا إِلاَّ بَعْدَ أَنْ سَأَلَتْهُ الطَّلاَقَ حَتَّى غَضِبَ، فَخَالَفُوا عُثْمَانَ فِي ذَلِكَ. فَلَمْ يَبْقَ لَهُمْ مِنْ الصَّحَابَةِ، رضي الله عنهم، مُتَعَلِّقٌ. فإن قيل: قَدْ رَوَيْتُمْ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهُوَ مَرِيضٌ فَوَرِثَتْهُ. قلنا: هَذِهِ رِوَايَةٌ لاَ حُجَّةَ فِيهَا أَوَّلُ ذَلِكَ: أَنَّهَا مُنْكَرَةٌ، لأََنَّ فِيهَا: أَنَّ الْحُسَيْنَ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهُوَ مَرِيضٌ فَوَرِثَتْهُ، وَالْحُسَيْنُ رضي الله عنه لَمْ يَمُتْ حَتْفَ أَنْفِهِ، إنَّمَا مَاتَ مَقْتُولاً. فَصَحَّ أَنَّهُ قَدْ كَانَ صَحَّ مِنْ ذَلِكَ الْمَرَضِ فَهَذَا مُخَالِفٌ لِلطَّائِفَتَيْنِ. ثُمَّ هِيَ مُنْقَطِعَةٌ، لأََنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ لَمْ يُدْرِكْ الْحُسَيْنَ، وَلاَ الْحَسَنَ. ثُمَّ لَيْسَ فِيهِ: مَنْ هُوَ الْمُوَرِّثُ لَهَا، وَلاَ أَنَّ الْحُسَيْنَ أَخْبَرَ أَنَّهَا تَرِثُهُ. وقال بعضهم: قَدْ رَوَيْتُمْ أَنَّ عُثْمَانَ قَالَ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ: لَئِنْ مِتّ لاَُوَرِّثَنهَا مِنْك فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: لَقَدْ عَلِمْت. قَالُوا: فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى مُوَافَقَتِهِ لِعُثْمَانَ فِي ذَلِكَ . فَقُلْنَا: كَلًّا، مَا دَلَّ ذَلِكَ قَطُّ عَلَى مُوَافَقَتِهِ لِعُثْمَانَ فِي ذَلِكَ، بَلْ إنَّمَا فِيهِ مِمَّا لاَ يَحْتَمِلُ سِوَاهُ: قَدْ عَلِمْت مَا أَعْلَمَنِي بِهِ أَنَّهُ مِنْ رَأْيِك فَبَطَلَ كُلُّ مَا شَغَبُوا بِهِ عَنْ أَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ، رضي الله عنهم، فِي ذَلِكَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ. وَاعْتَرَضَ بَعْضُهُمْ عَلَى الرِّوَايَةِ الثَّابِتَةِ، عَنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ: أَنَّهُ لاَ تَرِثُ مَبْتُوتَةٌ بِمَا حَدَّثَنَاهُ سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْبَرِّ الْبَلَنْسِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي زَيْدٍ الْمَالِكِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُثْمَانَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْجَهْمِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ شَاذَانَ، حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ مَنْصُورٍ نَا هُشَيْمٌ عَنْ الْحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ: طَلَّقَ ابْنُ عَوْفٍ امْرَأَتَهُ الْكَلْبِيَّةَ وَهُوَ مَرِيضٌ ثَلاَثًا فَمَاتَ ابْنُ عَوْفٍ فَوَرَّثَهَا مِنْهُ عُثْمَانُ، قَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ: لَوْلاَ أَنَّ عُثْمَانَ وَرَّثَهَا لَمْ أَرَ لِمُطَلَّقَةٍ مِيرَاثًا. قال أبو محمد: الْحَجَّاجُ بْنُ أَرْطَاةَ هَالِكٌ سَاقِطٌ، وَلاَ يُعْتَرَضُ بِرِوَايَتِهِ عَلَى رِوَايَةِ الْإِمَامِ الْمَشْهُورِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ إِلاَّ جَاهِلٌ، أَوْ مُجَاهِرٌ بِالْبَاطِلِ مُجَادِلٌ بِهِ لِيُدْحِضَ بِهِ الْحَقَّ، وَهَيْهَاتَ لَهُ مِنْ ذَلِكَ، وَمَا يَزِيدُ مِنْ فَعَلٌ هَذَا عَلَى أَنْ يُبْدِيَ عَنْ عَوَارِهِ وَجَهْلِهِ أَوْ قِلَّةِ وَرَعِهِ وَنَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ الضَّلاَلِ. فَبَطَلَ كُلُّ مَا مَوَّهُوا بِهِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَصَحَّ أَنَّهَا خَطَأٌ مَحْضٌ وَصَحَّ أَنَّ الْمَبْتُوتَةَ فِي الْمَرَضِ، أَوْ الْمُطَلَّقَةَ فِيهِ، لَمْ يَطَأْهَا لاَ مِيرَاثَ لَهُمَا أَصْلاً. وَكَذَلِكَ الْمُطَلَّقَةُ طَلاَقًا رَجْعِيًّا فِي الْمَرَضِ إذَا لَمْ يُرَاجِعْهَا حَتَّى مَاتَ فَلاَ مِيرَاثَ لَهَا وَحَتَّى لَوْ أَقَرَّ عَلاَنِيَةً أَنَّهُ إنَّمَا فَعَلَ ذَلِكَ لِئَلَّا تَرِثَهُ، وَلاَ حَرَجَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ، لأََنَّهُ فَعَلَ مَا أُبِيحَ لَهُ مِنْ الطَّلاَقِ الَّذِي قَطَعَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ الْمُوَارَثَةَ بَيْنَهُمَا، وَقَطَعَ بِهِ حُكْمَ الزَّوْجِيَّةِ بَيْنَهُمَا. وَكَذَلِكَ إنْ طَلَّقَ وَهُوَ مَوْقُوفٌ لِلْقَتْلِ فِي حَقٍّ أَوْ بَاطِلٍ أَوْ لِلرَّجْمِ فِي زِنًى، وَلاَ فَرْقَ، لأََنَّهُ لَمْ يَأْتِ نَصٌّ قَطُّ بَيْنَ طَلاَقِ هَؤُلاَءِ وَبَيْنَ غَيْرِهِمْ بِفَرْقٍ. وَلاَ يَجُوزُ أَنْ يَرِثَ بِالزَّوْجِيَّةِ إِلاَّ زَوْجَةٌ، أَوْ زَوْجٌ تَرِثُهُ حَيْثُ يَرِثُهَا، وَلاَ فَرْقَ، وَلاَ يَرِثُ بِالْبُنُوَّةِ، إِلاَّ ابْنٌ أَوْ ابْنَةٌ، وَلاَ يَرِثُ بِالْأُبُوَّةِ إِلاَّ أَبٌ، وَلاَ يَرِثُ بِالْأُمُومَةِ إِلاَّ أُمٌّ، وَلاَ فَرْقَ بَيْنَ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ. وَالْمُفَرِّقُ بَيْنَ ذَلِكَ مُؤْكِلٌ مَالاً بِالْبَاطِلِ، وَمَنْ صَحَّ عَنْهُ أَنَّهُ قَضَى بِذَلِكَ مِنْ الصَّحَابَةِ، رضي الله عنهم، فَمَأْجُورٌ بِكُلِّ حَالٍ مِنْ خَطَأٍ أَوْ صَوَابٍ، وَإِنَّمَا الشَّأْنُ فِيمَنْ قَلَّدَ بَعْضَ مَا اجْتَهَدُوا فِيهِ، وَخَالَفَهُمْ فِي بَعْضِهِ تَحَكُّمًا فِي الدِّينِ بِالْهَوَى وَالْبَاطِلِ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
وَطَلاَقُ الْعَبْدِ بِيَدِهِ لاَ بِيَدِ سَيِّدِهِ، وَطَلاَقُ الْعَبْدِ لِزَوْجَتِهِ الأَمَةِ أَوْ الْحُرَّةِ، وَطَلاَقُ الْحُرِّ لِزَوْجَتِهِ الأَمَةِ أَوْ الْحُرَّةِ: كُلُّ ذَلِكَ سَوَاءٌ، لاَ تَحْرُمُ وَاحِدَةٌ مِمَّنْ ذَكَرْنَا عَلَى مُطَلِّقٍ مِمَّنْ ذَكَرْنَا إِلاَّ بِثَلاَثِ تَطْلِيقَاتٍ مَجْمُوعَةٍ أَوْ مُفَرِّقَةٍ، لاَ بِأَقَلَّ أَصْلاً. برهان ذَلِكَ: قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: وَقَالَ تَعَالَى: وَقَالَ تَعَالَى: وَقَدْ وَافَقَنَا الْمَالِكِيُّونَ، وَالْحَنَفِيُّونَ وَالشَّافِعِيُّونَ عَلَى هَذَا. وَوَافَقَنَا الْحَنَفِيُّونَ عَلَى أَنَّ الْحُرَّةَ لاَ تَحْرُمُ عَلَى زَوْجِهَا الْعَبْدِ إِلاَّ بِثَلاَثِ تَطْلِيقَاتٍ. وَوَافَقَنَا الشَّافِعِيُّونَ وَالْمَالِكِيُّونَ عَلَى أَنَّ الأَمَةَ لاَ تَحْرُمُ عَلَى زَوْجِهَا الْحُرِّ إِلاَّ بِثَلاَثِ تَطْلِيقَاتٍ وَخَالَفُونَا فِي الأَمَةِ تَحْتَ الْعَبْدِ. وَقَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ كَانَ يَقُولُ: طَلاَقُ الْعَبْدِ بِيَدِ سَيِّدِهِ إنْ طَلَّقَ جَازَ، وَإِنْ فَرَّقَ فَهِيَ وَاحِدَةٌ إذَا كَانَا لَهُ جَمِيعًا، فَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ لَهُ وَالأَمَةُ لِغَيْرِهِ طَلَّقَ السَّيِّدُ أَيْضًا إنْ شَاءَ. وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ نَبَاتٍ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْبَصِيرِ، حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلاَمِ الْخُشَنِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ الْجَزَرِيِّ عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَيْسَ طَلاَقُ الْعَبْدِ، وَلاَ فُرْقَتُهُ بِشَيْءٍ. قال أبو محمد، هَاهُنَا عَمَّ الْحُرَّةَ وَالأَمَةَ: وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الزُّبَيْرِ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ فِي الأَمَةِ وَالْعَبْدِ: سَيِّدُهُمَا يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا وَيُفَرِّقُ. وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ عَنْ أَبِي الشَّعْثَاءِ، أَنَّهُ قَالَ: لاَ طَلاَقَ لِعَبْدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ، فَإِنْ طَلَّقَ اثْنَتَيْنِ لَمْ يُجِزْهُ سَيِّدُهُ إنْ شَاءَ. وَمِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ قَالَ: أَهْلُ الْمَدِينَةِ لاَ يَرَوْنَ لِلْعَبْدِ طَلاَقًا إِلاَّ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ فَهَذَا قَوْلٌ. وَقَوْلٌ ثَانٍ. كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ قَالَ: سَأَلْنَا عُرْوَةَ يَعْنِي أَبَاهُ عَنْ رَجُلٍ أَنْكَحَ عَبْدَهُ أَمَتَهُ، هَلْ يَصْلُحُ لَهُ أَنْ يَنْتَزِعَهَا مِنْهُ بِغَيْرِ طِيبِ نَفْسِ الْعَبْدِ قَالَ: لاَ، وَلَكِنْ إذًا ابْتَاعَهُ وَقَدْ أَنْكَحَهُ. وَقَوْلٌ ثَالِثٌ كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، أَنَّهُ قَالَ لِعَطَاءٍ: أَنْتَزِعُ أَمَتِي مِنْ عَبْدِ قَوْمٍ آخَرِينَ، وَقَدْ أَنْكَحْتهَا إيَّاهُ قَالَ: نَعَمْ، وَأَرْضِهِ، قُلْت: أَبَى إِلاَّ صَدَاقُهُ كُلُّهُ قَالَ: هُوَ لَهُ كُلُّهُ، فَإِنْ أَبَى فَانْتَزِعْهَا إنْ شِئْت، وَمِنْ حُرٍّ أَنْكَحْتهَا إيَّاهُ ثُمَّ رَجَعَ عَطَاءٌ فَقَالَ: لاَ تَنْزِعْهَا مِنْ الْحُرِّ، وَإِنْ أَعْطَيْته الصَّدَاقَ، وَلاَ تَسْتَخْدِمْهَا، وَلاَ تَبِعْهَا. وَقَوْلٌ رَابِعٌ مِنْ طَرِيقٍ مُنْقَطِعَةٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ: إذَا نَكَحَ الْعَبْدُ بِغَيْرِ إذْنِ مَوَالِيهِ فَنِكَاحُهُ حَرَامٌ، فَإِنْ نَكَحَ بِإِذْنِ مَوَالِيهِ فَالطَّلاَقُ بِيَدِ مَنْ يَسْتَحِلُّ الْفَرْجَ. وَمِنْ طَرِيقِ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: إنْ أَذِنَ السَّيِّدُ لِعَبْدِهِ أَنْ يَتَزَوَّجَ فَإِنَّهُ لاَ يَجُوزُ لأَمْرَأَتِهِ طَلاَقٌ إِلاَّ أَنْ يُطَلِّقَهَا الْعَبْدُ وَإِنْ أَبَى أَنْ يَأْخُذَ أَمَةَ غُلاَمِهِ، أَوْ أَمَةَ وَلِيدَتِهِ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ. وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ أَنَّ أَبَا مَعْبَدٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ عَبْدًا كَانَ لأَبْنِ عَبَّاسٍ وَكَانَتْ لَهُ امْرَأَةٌ جَارِيَةٌ لأَبْنِ عَبَّاسٍ، فَطَلَّقَهَا فَبَتَّهَا فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لاَ طَلاَقَ لَك فَارْتَجِعْهَا؛ فَأَبَى قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاق: حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنْ سِمَاكِ بْنِ الْفَضْلِ أَنَّ الْعَبْدَ سَأَلَ ابْنَ عُمَرَ فَقَالَ لَهُ: لاَ تَرْجِعْ إلَيْهَا، وَإِنْ ضَرَبَ رَأْسَك. وَصَحَّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ: الطَّلاَقُ بِيَدِ الْعَبْدِ. وَصَحَّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ إذَا أَنْكَحَ السَّيِّدُ عَبْدَهُ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَهُمَا. وَصَحَّ عَنْ شُرَيْحٍ، وَالْحَسَنِ، وَإِبْرَاهِيمَ: أَنَّ الطَّلاَقَ بِيَدِ الْعَبْدِ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَمَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَبِي سُلَيْمَانَ، وَأَصْحَابِهِمْ. وَأَمَّا بِكَمْ تَحْرُمُ الأَمَةُ تَحْتَ الْعَبْدِ مِنْ عَدَدِ الطَّلاَقِ أَوْ الْحُرَّةُ وَبِكَمْ تَحْرُمُ الأَمَةُ وَالْحُرَّةُ تَحْتَ الْحُرِّ فَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ إِسْحَاقَ بْنِ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا الْعُقَيْلِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ غُنْدَرٌ، حَدَّثَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى عَنْ قَتَادَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، أَنَّهُ قَالَ: السُّنَّةُ بِالنِّسَاءِ يَعْنِي الطَّلاَقَ وَالْعِدَّةَ قَالَ هَمَّامٌ: لاَ أَشُكُّ فِيهِ، وَلاَ أَمْتَرِي. قال أبو محمد: وَهُوَ قَوْلُ قَتَادَةَ. وَمِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادٍ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ أَشْعَثِ بْنِ سَوَّارٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: السُّنَّةُ بِالنِّسَاءِ الطَّلاَقُ وَالْعِدَّةُ. وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، وَغَيْرِ وَاحِدٍ عَنْ عِيسَى عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ اثْنَيْ عَشَرَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالُوا: الطَّلاَقُ [بِالرِّجَالِ] وَالْعِدَّةُ بِالْمَرْأَةِ. وَمِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ حَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ، وَدَاوُد، وَقَتَادَةَ، قَالَ حَمَّادُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ عَنْ إبْرَاهِيمَ، وَقَالَ دَاوُد: عَنْ الشَّعْبِيِّ، وَقَالَ قَتَادَةُ: عَنْ الْحَسَنِ، قَالُوا كُلُّهُمْ: الْعَبْدُ يُطَلِّقُ الْحُرَّةَ ثَلاَثًا وَتَعْتَدُّ ثَلاَثَ حِيَضٍ، وَالْحُرُّ يُطَلِّقُ الأَمَةَ تَطْلِيقَتَيْنِ وَتَعْتَدُّ حَيْضَتَيْنِ. وَمِنْ طَرِيقِ الْحَجَّاجِ بْنِ الْمِنْهَالِ، نَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ السِّخْتِيَانِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ وَالْحَسَنِ، قَالاَ جَمِيعًا: الطَّلاَقُ وَالْعِدَّةُ بِالنِّسَاءِ. وَمِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ: يُطَلِّقُ الْمَمْلُوكُ الْحُرَّةَ ثَلاَثًا، وَيُطَلِّقُ الْحُرُّ الْمَمْلُوكَةَ تَطْلِيقَتَيْنِ. وَمِنْ طَرِيقِ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ عَنْ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ عَنْ نَافِعٍ قَالَ: تَبِينُ الأَمَةُ مِنْ الْحُرِّ وَالْعَبْدِ بِتَطْلِيقَتَيْنِ. قَالَ أَيُّوبُ: وَثَبَتَ عِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ: الطَّلاَقُ وَالْعِدَّةُ بِالنِّسَاءِ. وَمِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ عَنْ سَيْفٍ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: إذَا كَانَتْ الْحُرَّةُ تَحْتَ الْعَبْدِ فَطَلاَقُهَا ثَلاَثٌ، وَعِدَّتُهَا ثَلاَثُ حِيَضٍ، وَإِذَا كَانَتْ الأَمَةُ تَحْتَ الْحُرِّ فَطَلاَقُهَا اثْنَتَانِ، وَعِدَّتُهَا حَيْضَتَانِ. وَمِنْ طَرِيقِ الْحَجَّاجِ بْنِ الْمِنْهَالِ :، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ، وَالأَعْمَشِ، قَالَ الْحَكَمُ عَنْ إبْرَاهِيمَ أَنَّهُ سَأَلَ عَبِيدَةُ السَّلْمَانِيَّ عَمَّنْ كَانَ تَحْتَهُ أَمَةٌ فَطَلَّقَهَا ثِنْتَيْنِ، ثُمَّ اشْتَرَاهَا أَنْ يَأْتِيَهَا فَأَبَى، وَقَالَ الأَعْمَشُ عَنْ أَبِي الضُّحَى عَنْ مَسْرُوقٍ فِيمَنْ كَانَتْ تَحْتَهُ أَمَةٌ فَطَلَّقَهَا اثْنَتَيْنِ ثُمَّ اشْتَرَاهَا فَكَرِهَ أَنْ يَأْتِيَهَا. وَبِهِ يَقُولُ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَالْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ، وَأَبُو حَنِيفَةَ، وَأَصْحَابُهُ فَهُمْ: عَلِيٌّ وَصَحَّ عَنْهُ وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَاثْنَيْ عَشَرَ مِنْ الصَّحَابَةِ، رضي الله عنهم، وَلاَ يَصِحُّ عَنْ أَحَدٍ مِنْهُمْ، لأََنَّهُ إمَّا مُنْقَطِعٌ، وَأَمَّا عَنْ أَشْعَثَ بْنِ سَوَّارٍ، وَعِيسَى الْحَنَّاطِ وَكِلاَهُمَا ضَعِيفٌ وَهُوَ صَحِيحٌ عَنْ قَتَادَةَ وَالنَّخَعِيِّ، وَالشَّعْبِيِّ، وَمَسْرُوقٍ، وَعَبِيدَةَ، وَالْحَسَنِ، وَابْنِ سِيرِينَ، وَنَافِعٍ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ وَمُجَاهِدٍ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ بِخِلاَفِ ذَلِكَ . كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَخْبَرَنِي قَبِيصَةُ بْنُ ذُؤَيْبٍ: أَنَّهُ سَمِعَ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ يَقُولُ: إنْ كَانَ الرَّجُلُ حُرًّا وَامْرَأَتُهُ أَمَةً طَلَّقَ ثَلاَثَ تَطْلِيقَاتٍ، وَاعْتَدَّتْ حَيْضَتَيْنِ وَإِنْ كَانَ عَبْدًا وَامْرَأَتُهُ حُرَّةً طَلَّقَ تَطْلِيقَتَيْنِ، وَاعْتَدَّتْ ثَلاَثَ حِيَضٍ. وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ :، حَدَّثَنَا رَجَاءُ بْنُ حَيْوَةُ عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ ذُؤَيْبٍ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ: أَنَّ غُلاَمًا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حُرَّةٌ تَطْلِيقَتَيْنِ، فَسَأَلَ عَائِشَةَ فَقَالَتْ: لاَ تَقْرَبْهَا. وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ: قَضَى عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ فِي مُكَاتَبٍ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حُرَّةٌ تَطْلِيقَتَيْنِ: أَنَّهَا لاَ تَحِلُّ لَهُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ. وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادِ بْنِ سَمْعَانَ: أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَنْصَارِيَّ أَخْبَرَهُ عَنْ نَافِعٍ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ مِثْلُ قَوْلِ عُثْمَانَ، وَزَيْدٍ. وَمِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ هِشَامٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: الطَّلاَقُ بِالرِّجَالِ، وَالْعِدَّةُ بِالنِّسَاءِ. وَمِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ أَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: إذَا كَانَتْ الْحُرَّةُ تَحْتَ الْعَبْدِ فَقَدْ بَانَتْ مِنْهُ بِتَطْلِيقَتَيْنِ، وَعِدَّتُهَا ثَلاَثُ حِيَضٍ، وَإِذَا كَانَتْ الأَمَةُ تَحْتَ الْحُرِّ فَقَدْ بَانَتْ مِنْهُ بِثَلاَثٍ، وَعِدَّتُهَا حَيْضَتَانِ. وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ: الطَّلاَقُ بِالرِّجَالِ، وَالْعِدَّةُ بِالنِّسَاءِ. وَمِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ وَكِيعٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ مَكْحُولٍ قَالَ: الطَّلاَقُ بِالرِّجَالِ، وَالْعِدَّةُ بِالنِّسَاءِ. وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ: الطَّلاَقُ بِالرِّجَالِ، وَالْعِدَّةُ بِالنِّسَاءِ. وَمِنْ طَرِيقِ ابْنِ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي رِجَالٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، وَسَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَأَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، وَيَزِيدَ بْنِ قُسَيْطٍ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْهَدِيرِ، وَرَبِيعَةَ، وَأَبِي الزِّنَادِ، وَسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، وَمُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ثَوْبَانَ، وَعَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ: الطَّلاَقُ بِالرِّجَالِ، وَالْعِدَّةُ بِالنِّسَاءِ. وَهُوَ قَوْلُ: مَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ، فَهُمْ: زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ، وَعُثْمَانُ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَابْنُ عُمَرَ، وَلاَ يَصِحُّ عَنْ غَيْرِهِمْ وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَعَطَاءٌ، وَسَائِرُ ذَلِكَ مُنْقَطِعٌ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: الْحُكْمُ لِلرِّقِّ خَاصَّةً كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: الْحُرُّ يُطَلِّقُ الأَمَةَ تَطْلِيقَتَيْنِ وَتَعْتَدُّ حَيْضَتَيْنِ، وَالْعَبْدُ يُطَلِّقُ الْحُرَّةَ تَطْلِيقَتَيْنِ، وَتَعْتَدُّ ثَلاَثَ حِيَضٍ. وَبِهِ يَقُولُ عُثْمَانُ الْبَتِّيُّ. وَذَهَبَتْ طَائِفَةٌ إلَى مِثْلِ قَوْلِنَا كَمَا، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ نَبَاتٍ، حَدَّثَنَا إسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ النَّصْرِيُّ، حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ حَبِيبٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ الْمُقْرِي، حَدَّثَنَا جَدِّي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ أَبِي مَعْبَدٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ عَبْدًا لَهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ طَلْقَتَيْنِ فَأَمَرَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ أَنْ يُرَاجِعَهَا فَأَبَى فَقَالَ لَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ: هِيَ لَك فَاسْتَحَلَّهَا بِمِلْكِ الْيَمِينِ وَبِهِ يَأْخُذُ أَبُو سُلَيْمَانَ، وَجَمِيعُ أَصْحَابِنَا. قال أبو محمد: شَغَبَتْ الطَّائِفَةُ الْأُولَى بِمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ أَبِي دَاوُد :، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَسْعُودٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ مُظَاهِرِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: طَلاَقُ الأَمَةِ تَطْلِيقَتَانِ وَقُرْؤُهَا حَيْضَتَانِ قَالَ أَبُو عَاصِمٍ: حَدَّثَنِي بِهِ مُظَاهِرٌ عَنْ الْقَاسِمِ عَنْ عَائِشَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَّا، أَنَّهُ قَالَ: وَعِدَّتُهَا حَيْضَتَانِ. حَدَّثَنَا حُمَامٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مَالِكِ بْنِ عَائِذٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي غَسَّانَ، حَدَّثَنَا أَبُو يَحْيَى زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى السَّاجِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إسْمَاعِيلَ بْنِ سَمُرَةَ الأَحْمَسِيُّ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ شَبِيبٍ الْمُسْلِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عِيسَى عَنْ عَطِيَّةَ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: " قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: طَلاَقُ الأَمَةِ ثِنْتَانِ، وَعِدَّتُهَا حَيْضَتَانِ. وَقَالُوا: لَمَّا اتَّفَقْنَا مَعَ الْمَالِكِيِّينَ، وَالشَّافِعِيِّينَ عَلَى أَنَّ عِدَّةَ الأَمَةِ نِصْفُ عِدَّةِ الْحُرَّةِ، وَكَانَ الطَّلاَقُ هُوَ الْمُوجِبُ لِلْعِدَّةِ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ طَلاَقُهَا نِصْفَ طَلاَقِ الْحُرَّةِ. قَالُوا: وَلَمَّا كَانَ حَدُّ الْعَبْدِ وَالأَمَةِ الزَّانِيَيْنِ: نِصْفَ حَدِّ الْحُرِّ وَالْحُرَّةِ سَوَاءٌ زَنَيَا بِحُرٍّ أَوْ بِحُرَّةٍ، أَوْ بِعَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ. وَلَمَّا كَانَ حَدُّ الأَمَةِ الْقَاذِفَةِ لِلْحُرِّ وَالْعَبْدِ، وَلِلأَمَةِ وَالْحُرَّةِ: نِصْفَ حَدِّ الْحُرَّةِ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ الطَّلاَقُ لَهَا كَذَلِكَ مَا نَعْلَمُ لَهُمْ حُجَّةً غَيْرَ هَذَا. قال أبو محمد: الأَثَرَانِ سَاقِطَانِ: لأََنَّ أَحَدَهُمَا مِنْ طَرِيقِ مُظَاهِرِ بْنِ أَسْلَمَ، وَهُوَ ضَعِيفٌ. وَفِي الثَّانِي عُمَرُ بْنُ شَبِيبٍ الْمُسْلِيُّ، وَعَطِيَّةُ، وَهُمَا ضَعِيفَانِ. ضَعَّفَ مُظَاهِرًا: أَبُو عَاصِمٍ الَّذِي رَوَى عَنْهُ، وَالْبُخَارِيُّ. وَضَعَّفَ عَطِيَّةَ: سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ. وَضَعَّفَ عُمَرَ بْنَ شَبِيبٍ: ابْنُ مَعِينٍ، وَالسَّاجِيُّ فَسَقَطَ التَّعَلُّقُ بِهِمَا. وَأَمَّا قِيَاسُهُمْ الطَّلاَقَ عَلَى الْقَذْفِ، وَالزِّنَا، وَالْعِدَّةِ، فَهَلاَّ قَاسُوهُ عَلَى مَا اتَّفَقَ عَلَيْهِ جَمِيعُ أَهْلِ الإِسْلاَمِ مِنْ أَنَّ عِدَّةَ الأَمَةِ بِوَضْعِ الْحَمْلِ كَعِدَّةِ الْحُرَّةِ. مِنْ أَنَّ حَدَّ الْعَبْدِ وَالأَمَةِ فِي الْقَطْعِ وَفِي السَّرِقَةِ وَفِي الْحِرَابَةِ كُلُّ ذَلِكَ سَوَاءٌ كَالْحُرِّ وَالْحُرَّةِ لاَ سِيَّمَا وَالْحَنَفِيُّونَ يَقُولُونَ: إنَّ أَجَلَ الْعَبْدِ الْعِنِّينِ مِنْ زَوْجِهِ الأَمَةِ وَالْحُرَّةِ كَأَجَلِ الْحُرِّ، وَصِيَامَ الْعَبْدِ فِي الظِّهَارِ كَصِيَامِ الْحُرِّ، وَفِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ كَذَلِكَ فَبَطَلَ هَذَا الْقَوْلُ. ثُمَّ نَظَرْنَا فِيمَا احْتَجَّتْ بِهِ الطَّائِفَةُ الثَّانِيَةُ فَوَجَدْنَا مَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ: كَتَبَ إلَيَّ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادِ بْنِ سَمْعَانَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَنْصَارِيَّ أَخْبَرَهُ عَنْ نَافِعٍ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّ غُلاَمًا لَهَا طَلَّقَ امْرَأَةً لَهُ حُرَّةً تَطْلِيقَتَيْنِ فَاسْتَفْتَتْ أُمَّ سَلَمَةَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ عليه الصلاة والسلام: حَرُمَتْ عَلَيْكَ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَكَ. وَقَالُوا: لَمَّا كَانَ حَدُّ الْعَبْدِ نِصْفَ حَدِّ الْحُرِّ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ طَلاَقُهُ نِصْفَ طَلاَقِ الْحُرِّ. قال أبو محمد: أَمَّا الْقِيَاسُ فَعَارَضَهُ قِيَاسُ الطَّائِفَةِ الْأُولَى، وَكُلُّ ذَلِكَ بَاطِلٌ وَدَعْوَى بِلاَ حُجَّةٍ وَيُقَالُ لَهُمْ: هَلَّا قِسْتُمْ طَلاَقَ الْعَبْدِ عَلَى مُسَاوَاتِهِ لِلْحُرِّ فِي حَدِّ السَّرِقَةِ وَالْحِرَابَةِ، وَعَلَى مَا أَبَاحَ لَهُ مَالِكٌ مِنْ زَوَاجِ أَرْبَعٍ كَالْحُرِّ، وَعَلَى مَا جَعَلَ الشَّافِعِيُّ أَجَلَهُ فِي الْإِيلاَءِ كَأَجَلِ الْحُرِّ، وَعَلَى صِيَامِهِ فِي الْكَفَّارَاتِ لاَ سِيَّمَا وَكُلُّهُمْ مُتَنَاقِضٌ إذَا احْتَجُّوا بِزَعْمِهِمْ لِكَوْنِ طَلاَقِ الْعَبْدِ، أَوْ الأَمَةِ نِصْفَ طَلاَقِ الْحُرِّ وَالْحُرَّةِ. وَقَدْ أَبْطَلُوا فِي ذَلِكَ، لأََنَّ طَلاَقَ الْعَبْدِ عِنْدَ إحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ: طَلْقَتَانِ، وَطَلاَقَ الأَمَةِ عِنْدَ الطَّائِفَةِ الْأُخْرَى: ثَلاَثًا طَلاَقُ الْحُرِّ وَالْحُرَّةِ. وَمَا وَجَدْنَا حَدًّا يَكُونُ لِلْعَبْدِ ثُلُثَيْ حَدِّ الْحُرِّ . فَإِنْ قَالُوا: لَمْ يَقْدِرْ عَلَى طَلْقَةٍ وَنِصْفٍ. قلنا: فَأَسْقِطُوا مَا عَجَزْتُمْ عَنْهُ وَحَرِّمُوهَا بِطَلْقَةٍ. وَأَمَّا الْخَبَرُ فَفِي غَايَةِ الْفَسَادِ، لأََنَّ ابْنَ سَمْعَانَ مَذْكُورٌ بِالْكَذِبِ، وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ مَجْهُولٌ مَعَ أَنَّ هَذَا الأَثَرَ السَّاقِطَ يُعَارِضُ ذَيْنك الأَثَرَيْنِ السَّاقِطَيْنِ، فَهِيَ مُتَدَافِعَةٌ مُتَكَاذِبَةٌ، لاَ يَحِلُّ الْقَوْلُ بِشَيْءٍ مِنْهَا. وَتَاللَّهِ لَوْ صَحَّ شَيْءٌ مِنْهَا لَمَا سَبَقُونَا إلَيْهِ، وَلاَ إلَى الْقَوْلِ بِهِ، وَلَكِنَّ الْقَوْلَ بِالْبَاطِلِ لاَ يَحِلُّ، كَمَا لاَ تَحِلُّ مُخَالَفَةُ الْحَقِّ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. وَأَمَّا مَنْ غَلَبَ عَلَيْهِ الرِّقُّ فَمَا نَعْلَمُ لَهُمْ حُجَّةً إِلاَّ أَنْ جَمَعُوا قِيَاسَ الطَّائِفَتَيْنِ. فَيُقَالُ لَهُمْ: مَا الْفَرْقُ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ مَنْ غَلَبَ الْحُرِّيَّةُ، وَهَلْ هِيَ إِلاَّ دَعْوَى كَدَعْوَى فإن قيل: إنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ إنَّمَا أَمَرَ غُلاَمَهُ أَنْ يُرَاجِعَ زَوْجَتَهُ الأَمَةَ بَعْدَ أَنْ طَلَّقَهَا طَلْقَتَيْنِ، لأََنَّهُ لاَ يَرَى طَلاَقَ الْعَبْدِ شَيْئًا. قلنا: قَدْ أَعَاذَ اللَّهُ ابْنَ عَبَّاسٍ مِنْ التَّدْلِيسِ، بَلْ رَوَى عَنْهُ عَطَاءٌ: لاَ طَلاَقَ لِلْعَبْدِ وَقَدْ رَوَى عَنْهُ أَبُو مَعْبَدٍ: أَنَّ طَلاَقَهُ جَائِزٌ، وَكِلاَهُمَا ثِقَةٌ مَأْمُونٌ، فَإِذْ لاَ نَصَّ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ طَلاَقِ الْعَبْدِ، وَطَلاَقِ الْحُرِّ، وَلاَ بَيْنَ طَلاَقِ الأَمَةِ، وَطَلاَقِ الْحُرَّةِ: فَلاَ يَحِلُّ تَخْصِيصُ الْقُرْآنِ فِي أَنَّ الطَّلاَقَ لاَ يَحْرُمُ إِلاَّ بِثَلاَثٍ فِي حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ، أَوْ حُرَّةٍ أَوْ أَمَةٍ: بِالدَّعْوَى بِلاَ برهان وَبِاَللَّهِ تَعَالَى نَتَأَيَّدُ.
|